ومن سورة البقرة
أما قوله (ألم) [الآية ١] فإن هذه الحروف أسكنت لأن الكلام ليس بمدرج ، وإنما يكون مدرجا لو عطف بحرف العطف وذلك أن العرب تقول في حروف المعجم كلها بالوقف إذا لم يدخلوا حروف العطف فيقولون : «ألف باء تاء ثاء» ويقولون : «ألف وباء وتاء وثاء». وكذلك العدد عندهم ما لم يدخلوا حروف العطف فيقولون : «واحد اثنان ثلاثه». وبذلك على أنه ليس بمدرج قطع ألف «اثنين» وهي من الوصل. فلو كان وصلها بالذي قبلها لذهبت ولكن هذا من العدد ، والعدد والحروف كل واحد منها شيء مفصول على حياله. ومثل ذلك (ألمص) [الأعراف : ١] و (ألر) [يونس : ١ وهود : ١ ويوسف : ١ وإبراهيم : ١ والحجر : ١] و (ألمر) [الرعد : ١] و (كهيعص) (١) [مريم : الآية ١] و (طسم) (١) [الشّعراء : الآية ١] و (يس) (١) [يس : الآية ١] و (طه) (١) [طه : الآية ١] و (حم) (١) [الشّورى : الآية ١] و (ق) [ق : الآية ١] و (ص) [ص : الآية ١]. إلا أن قوما قد نصبوا (يس) (١) [يس : الآية ١] و (طه) (١) [طه : الآية ١] و (حم) (١) [الشّورى : الآية ١] وهو كثير في كلام العرب ، وذلك أنهم جعلوها أسماء كالأسماء الأعجمية «هابيل» و «قابيل». فإما أن يكونوا جعلوها في موضع نصب ولم يصرفوها كأنه قال : «اذكر حم وطس ويس» ، أو جعلوها كالأسماء ، التى هي غير متمكنة فحرّكوا آخرها حركة واحدة كفتح «أين» ، وكقول بعض الناس : «الحمد لله». وقرأ بعضهم : «ص» و «ن» و «ق» بالفتح وجعلوها أسماء ليست بمتمكنة فألزموها حركة واحدة وجعلوها أسماء للسورة ، فصارت أسماء مؤنثة. ومن العرب من لا يصرف المؤنث إذا كان وسطه ساكنا نحو «هند» و «جمل» و «دعد». قال الشاعر : [الطويل]
٤ ـ وإني لأهوى بيت هند وأهلها |
|
على هنوات قد ذكرن على هند (١) |
وهو يجوز في هذه اللغة أو يكون سماها بالحرف ، والحرف مذكر ، وإذا
__________________
(١) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.