١٨ ـ فقلت البثي شهرين أو نصف ثالث |
|
إلى ذاك ما قد غيّبتني غيابيا (١) |
وأما قوله (أإنا لمبعوثون أوءاباؤنا الأوّلون) (١٧) [الصّافات : الآية ١٧] فإن هذه الواو واو عطف كأنهم قالوا : (أإنا لمبعوثون) فقيل لهم : «نعم وآباؤكم الأوّلون» فقالوا : (أوءاباؤنا) [الصّافات : الآية ١٧] ، وقوله : (أو لم ير الإنسان) [يس : الآية ٧٧] (أو لم يهد لهم) [السّجدة : الآية ٢٦] وأشباه هذا في القرآن كثير. فالواو مثل الفاء في قوله (أفلم يهد لهم) [طه : الآية ١٢٨] وقوله (أفلم يدّبّروا القول) [المؤمنون : الآية ٦٨] وإن شئت جعلت هذه الفاءات زائدة. وإن شئت جعلتها جوابا لشيء كنحو ما يقولون «قد جاءني فلان» فيقول «أفلم أقض حاجته» فجعل هذه الفاء معلقة بما قبلها.
وأما قوله : (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشوة) [الآية ٧] فإن الختم ليس يقع على الأبصار. إنما قال (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم) [الآية ٧] ثم قال : (وعلى أبصارهم غشوة) [الآية ٧] مستأنفا. وقوله (ختم الله) [الآية ٧] لأن ذلك كان لعصيانهم الله فجاز ذلك اللفظ ، كما تقول : «أهلكته فلانة» إذا أعجب بها. وهي لا تفعل به شيئا لأنه هلك في اتباعها. أو يكون «ختم» حكم بها أنها مختوم عليها.
وكذلك (زادهم الله مرضا) [الآية ١٠] على هذا التفسير والله أعلم.
ثم قال (ومن النّاس من يقولءامنّا بالله وباليوم الأخر) [الآية ٨] فجعل اللفظ واحدا ، ثم قال : (وما هم بمؤمنين) [الآية ٨] فجعل اللفظ جميعا ، وذلك أن (مّن) [الآية ٥] اللفظ بها لفظ واحد ، ويكون جميعا في المعنى ، ويكون اثنين. فإن لفظت بفعله على معناه فهو صحيح. وإن جعلت فعله على لفظه واحدا فهو صحيح ومما جاء من ذلك قوله (بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربّه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (١١٢) [الآية ١١٢] وقال : (ومنهم مّن يستمعون إليك) [يونس : الآية ٤٢] وقال : (ومنهم مّن ينظر إليك) [يونس : الآية ٤٣] وقال (ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين) فقال (يقنت) [الأحزاب : الآية ٣١]
__________________
ـ من الإسلاميين. قيل : مات على عهد عثمان بن عفان بعد أن بلغ سنا عالية. وقيل : أدرك عبد الملك بن مروان ، مات سنة ٦٥ ه. (معجم الشعراء المخضرمين والأمويين ص ٣١١ ـ ٣١٢).
(١) البيت لابن أحمر في ديوانه ص ١٧١ ، والأزهية ص ١١٥ ، وخزانة الأدب ٥ / ٩ ، وبلا نسبة في الإنصاف ٢ / ٤٨٣ ، والخصائص ٢ / ٤٦٠ ، والمحتسب ٢ / ٢٢٧.