إحداهما ، ولم يبلغ من استثقالهما أن تجعلا مثل المجتمعتين في كلمة واحدة. ولأن اللتين في كلمة واحدة لا تفارق إحداهما صاحبتها ، وهاتان تتغيران عن حالهما وتصير كل واحدة منها على حيالها أثقل منهما في كلمتين لأنّ ما في الكلمتين كلّ واحدة على حيالها فتخفيف الآخرة أقيس ، كما أبدلوا الآخرة حين اجتمعتا في كلمة واحدة ، وقد تخفف الأولى.
فمن خفف الآخرة في قوله (كماءامن السّفهاء ألا) [الآية ١٣] قال «السفهاء ولا» فجعل الألف في «ألا» واوا. ومن خفف الأولى جعل الألف التي في «السفهاء» كالواو وهمز ألف «ألّا». وأما (ءأنذرتهم) [الآية ٦] فإنّ الأولى لا تخفف لأنها أول الكلام. والهمزة إذا كانت أول الكلام لم تخفف لأن المخففة ضعفت حتى صارت كالساكن فلا يبتدأ بها.
وقد قال بعض العرب «آإذا» و «آأنذرتهم» و «آأنا قلت لك كذا وكذا» فجعل ألف الاستفهام إذا ضمت إلى همزة يفصل بينها وبينها بألف لئلا تجتمع الهمزتان. كل ذا قد قيل وكل ذا قد قرأه الناس.
وإذا كانت الهمزة ساكنة فهي لغة هؤلاء الذين يخففون إن كان ما قبلها مكسورا ياء نحو (أنبيهم بأسمايهم) [البقرة : ٣٢] ونحو «نبيّنا». وإن كان مضموما جعلوها واوا نحو «جونه» وإن كان ما قبلها مفتوحا جعلوه ألفا نحو «راس» و «فاس». وإن كانت همزة متحركة بعد حرف ساكن حرّكوا الساكن بحركة ما بعده وأذهبوا الهمزة يقولون في «في الأرض» : (فلرض) وفي (ما لكم مّن إله) [الأعراف : الآية ٥٩] : (منلاه) يحركون الساكن بالحركة التي كانت في الهمزة أي حركة كانت ويحذفون الهمزة.
وإذا اجتمعت همزتان من كلمتين شتى والأولى مكسورة والآخرة مكسورة فأردت أن تخفف الآخرة جعلتها بين الياء الساكنة وبين الهمزة ، لأن الياء الساكنة تكون بعد المكسورة نحو «هؤلاء يماء الله» ، تجعل الآخرة بين بين والأولى محققة. وإن كانت الآخرة مفتوحة نحو «هؤلاء أخواتك» ، أو مضمومة نحو «هؤلاء أمّهاتك» لم تجعل بين بين ، وجعلت ياء خالصة لانكسار ما قبلها لأنك إنما تجعل المفتوح بين الألف الساكنة وبين الهمزة ، والمضموم بين الواو الساكنة وبين الهمزة إذا أردت بين بين ، وهذا لا يثبت بعد المكسور.