حسنت النون. ومثل «إمّا» ها هنا قوله (فإمّا ترينّ من البشر أحدا) [مريم : الآية ٢٦] وقوله (قل رّبّ إمّا ترينّى ما يوعدون (٩٣) ربّ فلا تجعلنى فى القوم الظّلمين) (٩٤) [المؤمنون : ٩٣ ـ ٩٤] فالجواب في قوله (فلا تجعلنى) [المؤمنون : الآية ٩٤]. وأشباه هذا في القرآن والكلام كثير. وأما «إمّا» في غير هذا الموضع الذي يكون للمجازاة فلا تستغني حتى ترد «إمّا» مرتين نحو قوله (إنّا هدينه السّبيل إمّا شاكرا وإمّا كفورا) (٣) [الإنسان : الآية ٣] ونحو قوله (حتّى إذا رأوا ما يوعدون إمّا العذاب وإمّا السّاعة) [مريم : الآية ٧٥] وإنما نصب لأنّ «إمّا» هي بمنزلة «أو» ولا تعمل شيئا كأنه قال «هديناه السبيل شاكرا أو كفورا» فنصبه على الحال و «حتى رأوا ما يوعدون العذاب أو الساعة» فنصبه على البدل.
وقد يجوز الرفع بعد «إمّا» في كل شيء يجوز فيه الابتداء ولو قلت : «مررت برجل إمّا قاعد وإمّا قائم» جاز. وهذا الذي في القرآن جائز أيضا ، ويكون رفعا إلا أنه لم يقرأ.
وأما التي تستغني عن التثنية فتلك تكون مفتوحة الألف أبدا نحو قولك «أمّا عبد الله فمنطلق» وقوله (فأمّا اليتيم فلا تقهر (٩) وأمّا السّائل فلا تنهر) (١٠) [الضحى : ٩ ـ ١٠] و (أما ثمود فهديناهم) [فصلت : ١٧]. فكلّ ما لم يحتج فيه إلى تثنية «أمّا» فألفها مفتوحة إلا تلك التي في المجازاة.
و «أمّا» أيضا لا تعمل شيئا. ألا ترى أنك تقول (وأمّا السّائل فلا تنهر) (١٠) [الضّحى : الآية ١٠] فتنصبه ب «تنهر» ولم تغيّر «أمّا» شيئا منه.
باب الإضافة
أما قوله (فمن تبع هداى فلا خوف عليهم) [الآية ٣٨] فانفتحت هذه الياء على كل حال لأن الحرف الذي قبلها ساكن. وهي الألف التي في «هدى». فلما احتجت إلى حركة الياء حركتها بالفتحة لأنها لا تحرك إلا بالفتح. ومثل ذلك قوله (عصاى أتوكّؤا عليها) [طه : الآية ١٨] ولغة للعرب يقولون «عصيّ يا فتى» و «هديّ فلا خوف عليهم» لما كان قبلها حرف ساكن وكان ألفا ، قلبته إلى الياء حتى تدغمه في الحرف الذي بعده فيجرونها مجرى واحدا وهو أخف عليهم. وأما قوله (هذا ما لدىّ عتيد) [ق : الآية ٢٣] و (هذا صرط علىّ مستقيم) [الحجر : الآية ٤١] و (ثمّ إلىّ مرجعكم) [آل عمران : ٥٥ ولقمان : ١٥]. فإنما حركت بالإضافة لسكون ما قبلها