١ ـ النقل الموثوق به وان لم يحصل منه العلم ، لأن العلم بنص الواضع مباشرة متعذر ، والظن هو المعتمد في معرفة اللغة ومدلولاتها عند العقلاء قديما وحديثا.
٢ ـ التبادر ، والمراد به سبق المعنى الى الفهم من اللفظ تلقائيا وبلا قرينة. وقد يظن ان الجاهل بالوضع هو الذي يتبادر المعنى الى فهمه ، وانه يكتشف من تبادره هو بالذات ان اللفظ موضوع للمعنى الذي تصوره عند إطلاق اللفظ .. وهذا الظن خطأ واشتباه ، لأن التبادر يتوقف على العلم بالوضع ، فإذا توقف أيضا العلم بالوضع على التبادر لزم الدور المحال.
والصحيح ان الجاهل بالوضع يستكشفه ويعلم به من تبادر الآخرين من أهل اللسان واللغة ، لا من تبادره هو ـ مثلا ـ اذا كنا نجهل معنى كلمة «الطلح» ثم رأينا أهل اللغة يفهمون من إطلاقها عند التخاطب هذا الشيء المعروف بالموز ، اذا كان الأمر كذلك حصل لنا العلم بالتبادر عند أهل اللغة ، ومن علمنا هذا يحصل لنا العلم بأن كلمة «الطلح» موضوعة للموز.
أما كيف؟ ومن أين يأتي العلم بالوضع لأهل اللغة حتى تبادروا وسبقت المعاني الى أفهامهم ، أما الجواب عن هذا السؤال فعند أهل الاختصاص. وبالإجمال يحصل العلم باللغة من الالتحام بالأم في عهد الطفولة ، وبأفراد الأسرة ، ومن المدرسة والبيئة ، ويتسع هذا العلم بالثقافة والممارسة.
٣ ـ عدم صحة السلب في نظر أهل اللغة العارفين بمعانيها ووجوه التخاطب بها ، شريطة أن لا يكون السلب ناظرا الى اللفظ من حيث هو وبصرف النظر عن معناه ، لأن الاسم غير المسمى بحكم البديهة ، ولا أن يكون سلب اللفظ باعتبار معناه العام الشامل للمعنى الحقيقي والمجازي ، لأن العام لا يدل على خاص بعينه ، بل يسلب اللفظ باعتبار معناه الحقيقي فقط. والشرط الثالث والأخير أن يكون السلب مجردا عن القرينة.
ومتى حصل ذلك بالتمام والكمال دل عدم صحة السلب على الحقيقة وإلا فلا. والمثال الواضح لعدم صحة السلب أن يقال للنار : ليست هذه بنار بالمعنى الحقيقي لهذه الكلمة. ولعل هذا الطريق أي عدم صحة السلب هو أقوى الطرق الى معرفة المعنى الحقيقي.