وبهذا يتضح معنا أن موضوع البحث يعم ويشمل بعض الأسماء الجامدة ، ويخرج منه بعض المشتقات ، أما الأفعال فخارجة عنه تخصصا لا تخصيصا.
الزمان والمشتق
إذا قال قائل : زيد ضارب فهل تدل صيغة «فاعل» على أن الضرب حدث في الزمان الحاضر أو الماضي أو الآتي؟.
الجواب :
ان الأسماء بكاملها لا تدل على الزمان من قريب أو بعيد ، أما الجامد منها كالقلم والكتاب فواضح ، وأما المشتق فهو موضوع للذات المتصفة بالمعنى الذي انبثق منه اسم الفاعل أو المفعول أو الصفة المشبهة ـ مثلا ـ الضارب اسم فاعل مشتق من الضرب ، والضرب يدل على الحدث وكفى. وهكذا سائر المشتقات. وإذن فمن أين تأتي الدلالة على الزمان؟ أما قول النحاة : ان اسم الفاعل والمفعول إذا تجردا من اللام فلا يعملان عمل الفعل في المفعول إلا إذا كانا بمعنى الحال أو الاستقبال ، أما هذا القول فالمراد به الدلالة على الزمان مع القرينة مثل الآن والغد.
وعلى هذا جميع الاصوليين ، بل قال صاحب الكفاية وغيره : حتى الأفعال لا دلالة فيها على الزمان ، لأن صيغة افعل تدل على طلب الفعل فقط ، وصيغة فعل تدل على مجرد الإخبار عن الحدوث وكفى ، وصيغة يفعل تدل على أن الفعل ما زال في عالم الكتمان ، وأنه سيظهر الى عالم الوجود. فأين هو الزمان والدلالة عليه؟
أجل ، ان الإخبار عن حدوث الفعل ووقوعه يدل بالملازمة العقلية على أنه حدث قبل زمان النطق في مكان ما ، وان الإخبار عما سيحدث يدل أيضا بهذه الملازمة على أن الحدوث يأتي بعد زمان النطق في مكان من الأمكنة. وبديهي ان دلالة اللفظ شيء ، ودلالة العقل شيء آخر .. هذا ، الى أن دلالة العقل يستوي فيها الزمان والمكان ، ولا قائل بأن الفعل يدل على المكان ، فالقياس يقضي أن لا يدل الفعل بوضعه على الزمان.