الرخصة والعزيمة
من المعلوم بالضرورة أن الأحكام الشرعية خمسة أنواع : الوجوب والحرمة والندب والكراهة والإباحة. وعدّ الإباحة مع التكاليف من باب المجاز والإلحاق حيث لا كلفة فيها ، ولا عتاب على تارك المباح ، ولا ثواب لفاعله. والفرق بين هذه الأنواع واضح لا يحتاج الى شرح وبيان.
وقال الأحناف : الأحكام سبعة حيث قسموا ما لا يجوز تركه الى فرض وهو ما ثبت وجوبه بطريق القطع ، والى واجب وأرادوا به ما ثبت وجوبه بطريق الظن. وأيضا قسموا ما لا يجوز فعله الى حرام بقول مطلق وهو ما ثبت تحريمه بالقطع ، والى مكروه كراهة تحريم وهو ما ثبت تحريمه بالظن ، أما ما يرجح تركه ويجوز فعله فأطلقوا عليه كراهة تنزيه. ولا بأس بتعدد الأسماء ما دام المسمى واحدا.
ومن جهة ثانية قسم الفقهاء الحكم الى رخصة وعزيمة ، والعزيمة عبارة عن الالتزام بما أوجب الله وحرّم ـ مثلا ـ أوجب الصلاة قصرا في السفر فلا تصح تماما مع الالتفات ، وحرّم الصلاة على الحائض فلا تقبل منها بحال. أما الرخصة فعلى التخيير بين الفعل والترك ، لأن القصد منها مجرد التسهيل ورفع التشديد كالإذن للشيخ والشيخة بالإفطار مع القدرة على الصيام ، ولكن بشدة ومشقة. وتجتمع الاباحة مع الرخصة في هذا المثال ، وتفترقان في الافطار في غير شهر رمضان ، لأنه مباح بالأصل ، ولا يقال : رخص الشارع بالأكل في شوال ـ مثلا ـ بل أباحه. أما العزيمة فلا تنفصل عن الوجوب والحرمة.
وأيضا قسم الفقهاء الحكم الى تكليفي كالوجوب والحرمة كما أشرنا ، والى وضعي كالصحة والفساد ويأتي الكلام عنه ان شاء الله.
الأمر بعد الحظر
سبق أن الكثرة الكاثرة من الأصوليين قالوا : ان الأمر بمادته وهيئته يدل على الوجوب ، وقد احتاج هؤلاء الى جولة ثانية مع الأمر ، وذلك إذا ورد بعد الحظر مجردا عن القرينة ـ فهل يبقى على وصفه ودلالته كما كان ، أو انه