وانما عرض عليه التحريم لمكان الصلاة ، فإذا أقيمت وقضيت زال التحريم العارض عن البيع ، وعاد الى حكمه السابق وهو الحل ، لأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما. ونفس الشيء يقال في الآية الثانية والثالثة ، فإن الصيد والقرب من النساء كل منهما حلال بطبعه ، وانما عرض التحريم على الأول لمكان الإحرام للحج ، وعلى الثاني لمكان الحيض ، ومتى حصل الطهر من الحيض وانتهى المحرم من إحرامه ـ زال العارض عن الصيد والقرب ، ورجع كل منهما الى حكمه السابق.
وهكذا الحال في سائر آيات هذا الباب وأحاديثه. وعليه فلا يجوز الاستدلال بشيء منها فيما نحن بصدده ، لأن موضوع البحث في دلالة الأمر بعد الحظر مجردا عن كل القرائن. وفي رأينا ان مجرد ورود الأمر بعد الحظر هو شاهد ناطق بصرفه عن الوجوب الى الاذن والرخصة. هذا ما أحسه وأفهمه ، واذا لم يكن فهمي حجة على الآخرين فهو حجة لي ولله عليّ لحديث «إن الله يحتج على الناس بما آتاهم وعرّفهم».
لا بدار ولا تكرار
من البديهي أن الأمر يدل على وجوب الاتيان بالمأمور به وكفى ، لا يقتضي مرة ولا تكرارا ، ولا تأخيرا وبدارا .. واذا أراد الآمر شيئا من ذلك فعليه البيان بغير صيغة الأمر ، لأن المرة والتكرار والتأخير والبدار قيود زائدة وخارجة عن طبيعة المأمور به ، والقيد الزائد يحتاج الى بيان زائد.
ومن يأتى بالمطلوب مرة واحدة فقد امتثل وخرج من العهدة ، لا على ان الأمر يدل على المرة بل لأن المطلوب ماهية الفعل ، والمرة ضرورة للامتثال إذ لا شيء أقل منها. وبكلمة : تلزم المرة بحكم الطاعة لا بإطلاق اللفظ ودلالته ، ومن بادر أو كرر فقد تطوع.
وعليه فإن قام الدليل على أن هذا الواجب مؤقت كالصوم والصلاة ، وذاك الواجب غير مؤقت كالكفارات وقضاء ما فات ـ فنحن مع الدليل ، وكذلك ان قام الدليل على المرة كالحج أو على التكرار كالفرائض اليومية وإلا فلا بدار ولا تكرار.
وفي تقريرات المرزا النائيني لتلميذه الشيخ الخراساني ص ١٣٤ طبعة سنة ١٣٦٨ ه