اعْتَدى عَلَيْكُمْ) ضرورة أن مجازات الاعتداء ليس باعتداء ، وأمّا في الرواية الثانية فالمراد أيضا الصّحيحة لكون النّهي عن العبادة إرشادا إلى عدم تعلق القدرة بها ، وذلك لأن حرمة العبادات شريعة بمعنى إنها حين ما تعلق النّهي بها لم تكن مشروعة لا ذاتية وإلّا لزم أن يكون إتيان الحائض بصورة الصّلاة بدون قصد القربة والتّشريع ، بل ومع الاخلال بسائر ما يعتبر منها ما لا يخل بصدق اسم الصّلاة عليها عرفا محرما. ولا يلتزم به أحد. وهكذا غيرها كالصّوم والطّواف في حقّها أو في حقّ غيرها من المكلّفين ممن تعلق النّهي به عن عبادة في حال من الاحوال كالصّوم يوم العيدين ، فلا بدّ أن يكون النّهي عنها كاشفا عن عدم تعلق قدرة المكلّف بها وإرشادا الى عدم وقوعها عن المكلّف نظير الامر بالوفاء بالعقود ، فإنه أيضا إرشاد إلى وقوعها في الخارج وليس على حد سائر الأوامر يتمكن المكلّف من مخالفته ، إذ بمجرد وقوع عقد البيع مثلا يتحقق أثره وهو النّقل والانتقال ، فهلّا يتمكن كلّ من المتعاقدين عن مخالفة (أَوْفُوا)
وبالجملة : النّهي عن العبادة ليس إلّا كالأمر بالوفاء بالمعاملة في أن المراد عدم وقوع العبادة ووقوع المعاملة بعد إيجاد العقد في الخارج عن المكلّف فكلّ منهما إرشادي بهذا المعنى ، فليس متعلق النّهي والأمر في المقامين إلّا الصّحيحة.
الوجه الخامس : إنّها لو كانت أسامي لخصوص الصّحيحة لزم عدم تمكن المكلّف من حنث النّذر وشبهه إذا تعلق بعبادة مكروهة كما لو نذر أن لا يصلّي في الحمام فإنّها بعد تعلق النّهي بها تصير محرمة فتصير فاسدة لاقتضاء النّهي فساد العبادة ، فيلزم عدم تمكن المكلّف من الحنث ، فلا بدّ أن يكون متعلق النّذر ما هو أعم من الصّحيحة ، بل لو اعتبر في صحة النذر كون متعلقه صحيحا لزم من فرض