قالوا : منسوخة بآية الزّكاة (١) .
ومنها : قوله تعالى في سورة التّين : ﴿أَ لَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ﴾(٢) .
قالوا : منسوخة بآية السّيف (٣) ، وفي هذه الآيات الثلاث ، وإن كان احتمال النسخ قريبا ، إلّا أنّه لم يرد به نصّ من طرق أصحابنا.
الطرفة الحادية والعشرون
في إبطال عدّ نسخ التلاوة من أقسام النسخ
قد عدّ جمع من العامة من أقسام النسخ نسخ التلاوة ، وذكروا لذلك أمثلة من عبارات مرويّة عن عمر وابنه عبد الله وعائشة وغيرهم من الصحابة (٤) ، وهذا من الأغلاط المشهورة بينهم ، والعبارات المنقولة التي قالوا إنّها من الآيات المنسوخة التلاوة لا تشبه كلمات فصحاء العرب فضلا عن آيات القرآن المجيد. والمتأمّل المنصف يقطع بأنّها ممّا اختلقه المنافقون لتخريب أساس الدّين ، وتوهين الكتاب المبين ، ويؤيّد ذلك بل يشهد عليه أنّه لم ينقل عن أمير المؤمنين عليهالسلام وابن عبّاس والمعتمدين من أصحاب الرّسول رضوان الله عليهم أمثال هذه الرّوايات ، مع كونهم أعرف بآيات القرآن من غيرهم.
والعجب من بعض العامّة حيث إنّهم أنكروا هذا القسم من النسخ ، ونفوا كون هذه العبارات المنقولة من القرآن ، مستدلّا بأنّ الأخبار الواردة أخبار آحاد ، ولا يجوز القطع على إنزال القرآن ونسخه بأخبار آحاد لا حجة فيها ، مع أنّ العبارات الباردة المنقولة التي أكثرها رواية ما سمّوه آية الرّجم ، من قولهم : ( الشيخ والشيخة إذا زنيا فاجلدوهما البتّة بما قضيا من اللّذّة نكالا من الله والله عزيز حكيم ) ممّا ينادي عند كلّ ذي مسكة بأنّه ليس من كلام الله المنزل للإعجاز.
بل يستفاد ممّا رواه بعضهم عن عمر أنّه قال : لو لا أن يقول النّاس : زاد عمر في كتاب الله ، لكتبتها - يعني آية الرّجم - (٥) أنّه لم يكن أحد مطّلعا على هذه العبارة التي سمّوها آية ، مع أنّ مقتضى كثير من
__________________
(١) الإتقان في علوم القرآن ٣ : ٧١.
(٢) التين : ٩٥ / ٨.
(٣) الإتقان في علوم القرآن ٣ : ٧١.
(٤) راجع : الإتقان في علوم القرآن ٣ : ٨١ - ٨٤.
(٥) مسند أحمد : ٢٩ ، الاتقان في علوم القرآن ٣ : ٨٥.