رواياتهم أنّه كان يكتب آيات القرآن بشهادة شاهدين (١) .
فلعلّ عدم اجترائه على كتابتها في القرآن لعلم جميع الناس بأنّ مثل هذه العبارة ليس بكلام الله ولا من آيات القرآن ، وأنّه ليس إضافتها إلى الكتاب العزيز إلّا فرية وبهتان.
الطرفة الثانية والعشرون
في أنّ للقرآن المجيد ظهرا
وبطنا ، وبيان المراد منهما
قد تضافرت أو تواترت الروايات من طرق الخاصة والعامّة في أنّ للقرآن العظيم ظهرا وبطنا.
عن الباقر عليهالسلام أنّه قال في حديث : « يا جابر ، إنّ للقرآن بطنا ، وللبطن بطن وظهر ، وللظهر ظهر » (٢) .
وعنه ، في رواية اخرى : « ما في القرآن آية إلّا ولها ظهر وبطن » (٣) .
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآله بسند عامّي : « إنّ للقرآن ظهرا وبطنا وحدّا ومطّلعا » (٤) إلى غير ذلك من الروايات.
والظاهر أنّ المراد من ظهر القرآن ظواهر آياته التي يفهمها كلّ أحد من مدلولاتها المطابقيّة والالتزاميّة الظاهرة ، ومن باطنه دلالاته الالتزاميّة الخفيّة وإشاراته الايهاميّة ، ولطائفه ودقائقه ، وما يستفاد منه بعموم العلّة أو أقوائيّة الملاك (٥) أو خصوصية الكلمات والحروف ، أو بعلم الحساب والأعداد ، فإنّ كلّ واحد من هذه الطرق ممّا يستفاد به من الآيات علوم وفيرة وتكون له بطون كثيرة ، كما روي « أنّ للقرآن ظهرا وبطنا ، ولبطنه بطن إلى سبعة أبطن » (٦) .
وقد يطلق على ظهره : التنزيل ، وعلى بطنه : التأويل ، كما روي عن الباقر عليهالسلام قال : « ظهره تنزيله ، وبطنه تأويله » (٧) . وإلى ما ذكرنا من معنى الظهر والبطن أشار الصادق عليهالسلام بقوله في رواية : « كتاب الله على أربعة أشياء : العبارة ، والإشارة ، واللّطائف ، والحقائق ، فالعبارة للعوام ، والإشارة للخواصّ ، واللطائف للأولياء ، والحقائق للأنبياء » (٨) .
__________________
(١) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٢٠٥ ، كنز العمال ٢ : ٥٧٤ / ٤٧٥٩.
(٢) تفسير العياشي ١ : ٨٧ / ٣٩ ، تفسير الصافي ١ : ٢٧.
(٣) تفسير العياشي ١ : ٨٦ / ٣٦.
(٤) إتحاف السادة المتقين / للزبيدي ٤ : ٥٢٧ ، تفسير الصافي ١ / ٢٨.
(٥) أي قوة الملاك.
(٦) تفسير الصافي ١ : ٥٢.
(٧) بصائر الدرجات : ٢١٦ / ٧ ، تفسير الصافي ١ : ٢٧.
(٨) الدرة الباهرة : ٣١.