ينتهوا إلى بابه وصراطه ، وأن يعبدوه وينتهوا إلى طاعة القوّام بكتابه ، والناطقين عن أمره ، وأن يستنبطوا ما (١) احتاجوا إليه من ذلك عنهم لا عن أنفسهم. ثمّ قال : ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾(٢) . وأمّا غيرهم فليس يعلم ذلك أبدا ، ولا يوجد.
وقد علمت أنّه لا يستقيم أن يكون الخلق كلّهم ولاة الأمر ، إذا لا يجدون من يأتمرون عليه ، ولا من يبلّغونه أمر الله ونهيه ، فجعل [ الله ] الولاة خواصّا ليقتدي بهم [ من ] لم يخصصهم بذلك.
فافهم ذلك إن شاء الله ، وإيّاك وتأويل القرآن برأيك ، فإنّ النّاس غير مشتركين في علمه كاشتراكهم فيما سواه من الامور ، ولا قادرين عليه ولا على تأويله ، إلّا من حدّه وبابه الذي جعله الله له ، فافهم إن شاء الله ، واطلب الأمر من مكانه تجده إن شاء الله » (٣) .
الطرفة الثالثة والعشرون
في أنّ جميع القرآن في الأئمة وولايتهم
ووجوب اتّباعهم وشؤونهم وشؤون
أوليائهم وأعدائهم ، وتوضيحه
قد استفاضت الأخبار عن الأئمّة الأطهار صلوات الله عليهم في أنّ جميع القرآن فيهم ، وفي ولايتهم ، ووجوب اتّباعهم ، وشؤونهم وشؤون أوليائهم وأعدائهم.
عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه - عن النبيّ صلىاللهعليهوآله - في حديث ذكر فيه محامد أهل بيته عليهمالسلام - قال : « نحن معدن التنزيل ، ومعنى التأويل » (٤) .
وقريب منه ما روي عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه في حديث طويل ذكر فيه صفات الإمام (٥) .
ولا ينافي ذلك ما رواه الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، قال : « القرآن نزل على أربعة أرباع : ربع فينا ، وربع في عدوّنا ، وربع سنن وأمثال ، وربع فرائض وأحكام ، ولنا كرائم القرآن » (٦) .
وفي رواية اخرى عنه عليهالسلام : « أنّه نزل أثلاثا : ثلثي القرآن فينا وفي شيعتنا ، فما كان من خير فلنا
__________________
(١) في النسخة : يستنبطوا لما ، وفي المحاسن : يستنطقوا ما.
(٢) النساء : ٤ / ٨٣. (٣) المحاسن : ٢٦٨ / ٣٥٦ ، بحار الأنوار ٩٢ : ١٠٠ / ٧٢.
(٤) مشارق أنوار اليقين : ٤٠ ، بحار الأنوار ٢٥ : ٢٢ / ٣٨.
(٥) مشارق أنوار اليقين : ١١٤.
(٦) تفسير فرات : ٤٦ / ٢.