وعليه يحمل أيضا إن لم يكن ظاهرا فيه ، ما رواه في ( البحار ) من كتاب ( الإمامة والتبّصرة ) : عن سهل بن أحمد ، عن محمّد بن محمّد بن الأشعث ، عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عليهمالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « عرضت عليّ الذنوب فلم اصب أعظم من ذنب رجل حمل القرآن ثمّ تركه » (١) .
ويؤيّده أنّه إذا كان حفظ القرآن مستحبّا ، فالظّاهر أن يكون كثرة تعاهده وإبقائه في الحفظ مستحبّا ، وبعيد غايته أن يكون واجبا إلّا أن يدلّ دليل معتبر عليه من إجماع أو نصّ ، ولو كان ذلك الدّليل لعدّه الفقهاء في الواجبات ، ولم أجد في كتب أصحابنا رضوان الله عليهم من تعرّض له.
الطرفة الرابعة والثلاثون
في كراهة ختم القرآن في أقلّ من ثلاثة أيّام
لمنافاته للتّدبّر والتّفكر في آياته
قد مرّ في آداب التلاوة كراهة الإفراط في سرعة التلاوة ، وقال جمع بكراهة ختم القرآن العظيم في أقلّ من ثلاثة أيّام (٢) .
عن ابن مسعود ، قال : لا تقرءوا القرآن في أقلّ من ثلاثة أيّام (٣) .
وعن معاذ بن جبل ، أنّه كان يكره أن يقرأ القرآن في أقلّ من ثلاثة أيّام (٤) .
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « لا يفقه من قرأ القرآن في أقلّ من ثلاثة أيّام » (٥) .
أقول : مقتضى هذه الروايات عدم الكراهة في ثلاثة أيّام فما فوقها.
وعن سعيد بن المنذر ، قال : قلت لرسول الله صلىاللهعليهوآله : أقرأ القرآن في ثلاث ؟ قال : « نعم ، إن استطعت » (٥) .
وعن إبراهيم بن العبّاس ، قال : كان الرّضا عليهالسلام يختم القرآن في كلّ ثلاث ، ويقول : « لو أردت أن أختمه في أقلّ من ثلاث لختمته ، ولكن ما مررت بآية قطّ إلّا فكّرت فيها ، وفي أيّ شيء نزلت ، وفي أيّ وقت نزلت ، فلذلك صرت أختم في [ كلّ ] ثلاثة أيّام » (٦) .
ثمّ اعلم أنّ الظاهر من الرّواية أنّ تطويل المدّة لرعاية التّدبّر والتّفكّر في الآيات حيث إنّ تلاوتها
__________________
(١) جامع الأحاديث : ١٨ ، بحار الأنوار ٩٢ : ١٨٩ / ١٤ ، ولم نعثر عليه في كتاب الإمامة والتبصرة.
( ٢ و٣ و٤ ) . الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٦١.
(٥) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٣٦١.
(٦) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٨٠ / ٤.