في تفسير فاتحة الكتاب
﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣)
مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)
صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (٧)﴾
ثمّ شرع في الكتاب بقوله : ﴿الْحَمْدُ﴾ والثّناء الجميل - بجنسه أو بجميع أفراده ، وتمام مراتبه وأنواعه من القوليّ والقلبيّ ، والحاليّ والأفعاليّ - خاصّ وملك ﴿لِلَّهِ﴾ لا شريك له فيه ، لاختصاصه بحسن الفعال من جميع الجهات ، ليس فيها شائبة القبح والنّقص ، فالقوليّ منه : هو إظهاره باللسان ، والقلبيّ : هو استشعار القلب به ، والحاليّ : هو الرّضا بجميع ما يصدر منه تعالى ، والأفعاليّ : هو القيام بطاعته وعبادته عن محبّة وشوق ونشاط.
وأيضا في تخصيص الحمد به تعالى إشعار بأنّ حسن أفعال من سواه راجع إليه تعالى ، وحمد غيره على فعله يكون حمده ، بل لا يجوز حمد غيره إلّا بإذنه لأنّه هو مستحقّه ومالكه ، ثمّ لا يمكن لأحد حقّ حمده لعدم إمكان إحصاء نعمائه والإحاطة بحقيقة حسن أفعاله ، ولذا قال النبيّ صلىاللهعليهوآله ليلة المعراج ، لمّا أمره الله بالثّناء عليه : « لا احصي ثناء عليك » (١) .
في بيان فضيلة حمده تعالى
وفي افتتاحه تعالى كتابه المجيد بالبسملة والتحميد إشعار بأنّه لا ينبغي الشروع في أمر إلّا بعد البسملة والحمد.
عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله حدّثني عن الله عزوجل أنّه قال : كلّ ذي بال لم يذكر فيه بسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر » (٢) .
وفي رواية : « كلّ أمر ذي بال لم يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع » (٣) .
__________________
(١) تفسير روح البيان ١ : ١١.
(٢) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٢٥ / ٧.
(٣) كنز العمال ١ : ٥٥٨ / ٢٥٠٩.