﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (٨) يُخادِعُونَ
اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٩)﴾
ثمّ إنّه تعالى بعد ذكر المتّقين ومدحهم بالصفات الحسنة ووعدهم بالهدى والفلاح ، وذكر الكفّار وذمّهم بالأخلاق السيّئة وتوعيدهم بالعذاب العظيم ، شرع في بيان حال القسم الثالث من النّاس ، وهم المنافقون الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر ، بقوله : ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ﴾ بلسانه ﴿آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ والحال أنّهم كاذبون فيما يقولون ﴿وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾ ولا معدودين في زمرتهم لعدم دخول الإيمان في قلوبهم.
عن القمّي رحمهالله : أنّها نزلت في قوم منافقين أظهروا لرسول الله صلىاللهعليهوآله الإسلام ، وكانوا إذا رأوا الكفّار قالوا : إنّا معكم. وإذا لقوا المؤمنين قالوا : نحن مؤمنون (١) .
وعن الصادق عليهالسلام أنّه قال : « إنّ الحكم بن عتيبة ممّن قال الله : ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾ فليشرّق الحكم وليغرّب ، أما والله لا يصيب العلم إلّا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل عليهالسلام » (٢) .
وعن ( تفسير الإمام عليهالسلام ) : عن موسى بن جعفر صلوات الله عليهما - في رواية طويلة ذكر فيها قضيّة يوم الغدير ، ونصب رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّا عليهالسلام للخلافة ، وأمره الصّحابة ببيعته بإمرة المؤمنين - إلى أن قال : ثمّ إنّ قوما من متمرّدي جبابرتهم تواطؤوا بينهم إن كانت لمحمّد كائنة لندفعنّ هذا الأمر عن عليّ ، ولا يتركونه [ له ] ، فعرف الله ذلك في قلوبهم. وكانوا يأتون رسول الله صلىاللهعليهوآله ويقولون له : لقد أقمت عليّا أحبّ خلق الله إلى الله وإليك وإلينا ، كفيتنا به مؤنة الظّلمة والجبابرة ، وسياستنا (٣) .
وعلم الله في (٤) قلوبهم خلاف ذلك ومواطأة (٥) بعضهم لبعض أنّهم على العداوة مقيمون ، ولدفع الأمر عن مؤثره (٦) مؤثرون ، فأخبر الله تعالى محمّدا صلىاللهعليهوآله عنهم ، فقال : يا محمّد ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ﴾ الذي أمرك بنصب عليّ إماما وسائسا لامّتك ومدبّرا ﴿وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾ بذلك ولكنّهم مواطئون على هلاكك وهلاكه » (٧) الخبر.
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٣٤.
(٢) الكافي ١ : ٣٢٩ / ٤.
(٣) في المصدر : والجائرين في سياستنا.
(٤) في المصدر : من.
(٥) في المصدر : ومن مواطأة.
(٦) في المصدر : مستحقه.
(٧) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ١١٢ / ٥٨. وفيه : ولكنّهم يتواطؤون على إهلاكك وإهلاكه.