﴿فَسَجَدُوا﴾ كلّهم من غير ريث لكونهم مخلوقين من النّور ، واقتضاء النّور الطاعة والانقياد ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ﴾ فإنّه كان من الجنّ مخلوقا من النّار.
قيل : اسمه حارث ، واستثناؤه من الملائكة باعتبار أنّه كان معهم يعبد الله حتّى ظنّوا أنّه منهم ، فشمله الأمر بالسّجود ، فلمّا عصى الله تعالى وتمرّد ، علموا أنّه لم يكن منهم.
وإنّما سمّي إبليس لكونه مبلسا من رحمة الله ، فلذلك ﴿أَبى﴾ وامتنع من السّجود حسدا ﴿وَاسْتَكْبَرَ﴾ على آدم.
عن القمّي ، عنه عليهالسلام : « الاستكبار أوّل معصية عصى الله بها » . قال عليهالسلام : « فقال ابليس : ربّ اعفني عن السّجود لآدم ، وأنا أعبدك عبادة لم يعبدكها ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل. فقال جلّ جلاله : لا حاجة لي في عبادتك ، إنّما عبادتي من حيث اريد لا من حيث تريد » (١) .
﴿وَكانَ﴾ من أجل تمرّده عن طاعة أمر الله وتكبّره على آدم معدودا ﴿مِنَ الْكافِرِينَ﴾ بالله ، ومن زمرة الطّاغين عليه.
في ( العيون ) : عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « إنّه أوّل من كفر وأنشأ الكفر » (٢) .
﴿وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا
هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ (٣٥) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا
كانا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى
حِينٍ (٣٦)﴾
﴿وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ﴾ واستقرّ ﴿أَنْتَ وَزَوْجُكَ﴾ حوّاء ﴿الْجَنَّةَ﴾ قيل : إنّها جنّة عدن.
وعن ( الكافي ) و( العلل ) و( القمي ) : عن الصادق عليهالسلام : « أنّها كانت من جنّات الدنيا ، تطلع فيها الشّمس والقمر ، ولو كانت من جنّات الخلد ما خرج منها أبدا » (٣) .
وزاد ( القمي ) رحمهالله : ولم يدخلها ابليس (٤) .
﴿وَكُلا مِنْها رَغَداً﴾ واسعا بلا تقتير ولا تضييق ﴿حَيْثُ شِئْتُما﴾ بلا تعب ولا نصب ﴿وَلا تَقْرَبا
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٤٢.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٢٤٤ / ١.
(٣) الكافي ٣ : ٢٤٧ / ٢ ، علل الشرائع : ٦٠٠ / ٥٥.
(٤) تفسير القمي ١ : ٤٣.