روي أنّ الوالد يتعلّق بولده يوم القيامة فيقول : يا بنيّ ، انّي أنا أبوك في الدنيا ، وقد احتجت إلى مثقال حبّة من حسناتك لعلّي أنجو بها ممّا ترى. فيقول له ولده : إنّي أتخوّف مثل الذي تخوّفت أنت ، فلا اطيق أن اعطيك شيئا. ثمّ يتعلّق بزوجته فيقول لها : يا فلانة ، إنّي زوج لك في الدنيا (١) ، الخبر ، وحاصل السؤال والجواب قريب ممّا بينه وبين ولده.
﴿وَلا يُقْبَلُ مِنْها﴾ وفي موردها إذا كانت كافرة ﴿شَفاعَةٌ﴾ من الشفعاء ﴿وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ﴾ وفداء من مال ومتاع لو فرض إمكانه ﴿وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ ولا يعاونون في دفع العذاب ولا يحامون.
والحاصل : أنّ جميع وجوه التخلّص من المكارة الدنيويّة. منقطع عنهم ، حيث إنّها منحصرة في أربع :
أحدها : نيابة الغير عنه في تحمّلها.
وثانيها : التّفدية بالمال.
وثالثها : شفاعة الشفعاء.
ورابعها : نصرة الأنصار ودفاع الأحبّة ، فلا يبقى للعاصي طمع النّجاة في الآخرة.
إن قيل : مقتضى هذه الآية أنّه لا تنفع شفاعة شفيع للعصاة يوم القيامة ، مع أنّ ضرورة المسلمين ؛ أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله يشفع للعصاة من امّته ، وأنّه الشّافع المشفّع ، وضرورة الإماميّة أنّ فاطمة عليهاالسلام والأئمّة يشفعون لعصاة شيعتهم ، بل مقتضى كثير من الرّوايات أنّ العلماء أيضا يشفعون لمن استفاد علمهم ، بل المؤمنين يشفعون بعضهم لبعض.
قلنا : لا بدّ من تخصيص هذه الآية وأمثالها بالكفّار ومن في حكمهم من منكري الولاية وأهل البدع.
وفي رواية عن الصادق عليهالسلام في تفسير الآية : « هذا يوم الموت فإنّ الشّفاعة والفداء لا يغني عنه ، فأمّا في القيامة فإنّا وأهلنا نجزي [ عن ] شيعتنا كلّ جزاء ، ليكوننّ على الأعراف بين الجنّة والنّار محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين والطيّبون من آلهم ، فنرى بعض شيعتنا في تلك العرصات ، فمن كان منهم مقصّرا ، وفي بعض شدائدها ، فنبعث عليهم خيار شيعتنا كسلمان والمقداد وأبي ذرّ وعمّار
__________________
(١) تفسير روح البيان ١ : ١٢٧.