الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ
يَحْزَنُونَ (٦٢)﴾
ثمّ إنّه لمّا ذكر الله تعالى ما حلّ بكفرة أهل الكتاب من النّكال والغضب والعقوبة ، أردفه بذكر ما للمؤمنين من الأجر والثّواب العظيم ، على عادته الجارية في الكتاب العزيز بأن كلّما ذكر العقوبة للكفّار ، ذكر المثوبة للمؤمنين حتّى يعلم أنّه كما يجزي المسيء بإساءته ، يجزي المحسن باحسانه ، فقال تعالى : ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بالله وبالنبيّ صلىاللهعليهوآله وبما جاء به ﴿وَالَّذِينَ هادُوا﴾ واتّخذوا دين اليهوديّة.
قيل : سمّوا بذلك لأنّهم بعد عبادة العجل وتوبتهم منها ، قالوا : إنّا هدنا ، أو لنسبتهم إلى يهوذا (١) .
﴿وَالنَّصارى﴾ قيل : لقبوا بذلك لأنّهم كانوا يزعمون أنّهم يتناصرون في الله.
وعن ( العيون ) عن الرضا عليهالسلام : « أنّهم من قرية اسمها ناصرة من بلاد الشّام نزلتها مريم وعيسى بعد رجوعهما من مصر » (٢) .
﴿وَالصَّابِئِينَ﴾ القمى رحمهالله : إنّهم ليسوا من أهل الكتاب ، ولكنّهم يعبدون الكواكب والنّجوم (٣) .
قيل : إنّهم سمّوا بالصابئين لأنّهم زعموا أنّهم صبأوا وخرجوا إلى دين الحقّ.
روي أنّه جاء أعرابيّ إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله فقال : لم سمّي الصابئون صابئين ؟ فقال صلىاللهعليهوآله : « لأنّهم إذا جاءهم نبيّ أو رسول أخذوه وعمدوا إلى قدر عظيم فأغلوه حتّى إذا كان محميّ صبوه على رأسه حتّى يتفسّخ » (٤) ، الخبر.
فخصوص ﴿مَنْ آمَنَ﴾ منهم ﴿بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ﴾ عملا ﴿صالِحاً﴾ مرضيّا ﴿فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ في الآخرة حين يخاف الفاسقون ، ويحزن المخالفون.
﴿وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما
فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٦٣) ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ
لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ (٦٤)﴾
__________________
(١) تفسير الرازي ٣ : ١٠٥.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٧٩ / ١٠.
(٣) تفسير القمي ١ : ٤٨ ، تفسير الصافي ١ : ١٢٣.
(٤) تفسير روح البيان ١ : ١٥٣.