﴿وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا أَ تُحَدِّثُونَهُمْ
بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَ فَلا تَعْقِلُونَ (٧٦) أَ وَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ
اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ (٧٧) وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلاَّ أَمانِيَّ
وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ (٧٨)﴾
ثمّ أكّد سبحانه غاية حمقهم ولجاجهم بقوله : ﴿وَإِذا لَقُوا﴾ وصادفوا هؤلاء المنافقون المطّلعون على التّوراة الأشخاص ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بمحمّد صلىاللهعليهوآله عن صميم القلب ، كسلمان وأضرابه ﴿قالُوا﴾ نفاقا ﴿آمَنَّا﴾ بنبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله كإيمانكم ، لمّا اطّلعنا على نعوته في كتبنا.
﴿وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ﴾ بعد ما نافق المؤمنين بإخبارهم بما في التّوراة من علائم محمّد صلىاللهعليهوآله ونعوته ﴿إِلى بَعْضٍ﴾ لم يعترف بذلك ، وكتم نعوته فيها ، اعترض الساكتون على المنافقين و﴿قالُوا﴾ إنكارا عليهم : ﴿أَ تُحَدِّثُونَهُمْ﴾ وتخبرونهم ﴿بِما فَتَحَ اللهُ﴾ وكشفه ﴿عَلَيْكُمْ﴾ من صفات محمّد صلىاللهعليهوآله وعلائمه في التّوراة ﴿لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ﴾ يوم القيامة ﴿عِنْدَ رَبِّكُمْ﴾ ويقولوا : إن علمتم بدلائل صدقه ، فلم لم تؤمنوا به ؟ ﴿أَ فَلا تَعْقِلُونَ﴾ أنّ ما في التّوراة من أوصاف محمّد صلىاللهعليهوآله حجّة عليكم ؟
ثمّ ردّ الله عليهم بقوله : ﴿أَ﴾ يلومونهم على التّحديث ﴿وَلا يَعْلَمُونَ﴾ اللائمون لمخافة المحاجّة ﴿أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ﴾ من الكفر وعداوة محمّد صلىاللهعليهوآله ﴿وَما يُعْلِنُونَ﴾ من الإيمان به ، فلا ينفعهم اللّوم والعتاب والسّرّ والكتمان.
﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ﴾ الذين لا يعرفون الكتابة والقراءة ، ولأجل امّيّتهم ﴿لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ﴾ من التّوراة وغيرها ﴿إِلَّا أَمانِيَ﴾ وما يسمعونه من مفتريات علمائهم.
في جواز تقليد العالم الصائن لدينه في الفروع دون الأصول
﴿وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾ كونه حقّا بتقليد علمائهم المحرّفين لكلمات الله ، المغيّرين لأحكامه ، ومع عدم يقينهم يتديّنون به ، مع أنّ التّقليد محرّم عليهم في اصول العقائد ، لأنّه لا يفيد إلّا الظنّ ، والظنّ لا يغني من الحقّ شيئا ، مع أنّهم كانوا يعرفون علماءهم بالتحريف والتغيير والكذب ، فيكون إيمان علمائهم وعوامّهم بالحقّ في غاية البعد ، أمّا علماؤهم فلانغمارهم في محبّة الرّياسة والمال ، وأمّا عوامّهم فلالتزامهم بتقليد هؤلاء.
روي عن الصادق عليهالسلام أنّه قال ، له رجل : فإذا كان هؤلاء العوام من اليهود لا يعرفون الكتاب إلّا بما يسمعونه من علمائهم ، لا سبيل لهم إلى غيره ، فكيف ذمّهم بتقليدهم والقبول من علمائهم ؟ وهل