باستعماله في إضرار النّاس ﴿فَلا تَكْفُرْ﴾ باستعماله للإضرار.
﴿فَيَتَعَلَّمُونَ﴾ النّاس ﴿مِنْهُما﴾ أي من الملكين ، أو من الصّنفين ؛ من السّحر ما تتلوا الشّياطين وما انزل على الملكين ؛ الأقسام المضرّة أظهرها وأشيعها ﴿ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ﴾ من الحيل والتّمويهات.
﴿وَ﴾ الحال أنّه ﴿ما هُمْ﴾ أي السّحرة ﴿بِضارِّينَ بِهِ﴾ أي بالسّحر ﴿مِنْ أَحَدٍ﴾ من العالمين ﴿إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ﴾ وتعليمه أو بسبب تخليته بين السّاحر وإرادته الناشئة من خبث ذاته وعمله القبيح ، ولو شاء أن لا يصدر منه لأعجزه عنه وحال بينه وبين قلبه وإرادته.
﴿وَيَتَعَلَّمُونَ﴾ هؤلاء اليهود من السّحر ﴿ما يَضُرُّهُمْ﴾ حيث إنّ ضرره على أنفسهم من العقوبة الاخرويّة أشدّ بمراتب من الضّرر الذي يصل إلى المسحور ﴿وَلا يَنْفَعُهُمْ﴾ ولا يفيد لهم فائدة يعتدّ بها العقلاء.
﴿وَ﴾ الحال أنّهم ﴿لَقَدْ عَلِمُوا﴾ سبب تلاوتهم التّوراة المكتوب فيها : أنّه والله ﴿لَمَنِ اشْتَراهُ﴾ وعاوض بكتب السّحر وتعلّمه والعمل به كتاب الله وأحكامه ﴿ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ﴾ ونصيب من رحمة الله ، أو خلاص من عقابه ﴿وَ﴾ بالله ﴿لَبِئْسَ ما شَرَوْا﴾ هؤلاء اليهود من العمل بالسّحر ، واستبدلوا ﴿بِهِ أَنْفُسَهُمْ﴾ حيث عرّضوها للهلاك الأبد.
وهؤلاء اليهود ﴿لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ﴾ علم اليقين أنّ في هذا الاستبدال خسرانا ووبالا ما فعلوه.
ثمّ أرشدهم إلى التّجارة المربحة بقوله : ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا﴾ بالنّبيّ وانقادوا له ﴿وَاتَّقَوْا﴾ الله في أعمالهم بالله ﴿لَمَثُوبَةٌ﴾ وأجر واصل إليهم ﴿مِنْ عِنْدِ اللهِ﴾ ولو كان أقلّ قليل في الآخرة ﴿خَيْرٌ﴾ لهم وأنفع من الدنيا وما فيها ، لبقائه وزواله ﴿لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ﴾ ويدركون حقائق الامور.
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ
أَلِيمٌ (١٠٤) ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ
مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ
الْعَظِيمِ (١٠٥)﴾