إذ لا دين لهم ولا إيمان ، لا بموسى ولا بمحمّد صلىاللهعليهوآله ، وهذا جار في هذه الأمّة الذين اوتوا القرآن ، حيث إنّ المؤمنين به هم الذين يتلونه حقّ تلاوته ، ويتدبّرون فيه ، ويتّبعون أحكامه.
عن ( المجمع ) و( العيّاشيّ ) عن الصادق عليهالسلام : « يتلونه حقّ تلاوته بالوقوف عند ذكر الجنّة والنّار (١) ؛ يسأل في الأولى ، ويستعيذ من الاخرى » (٢) .
وعن ( الكافي ) و( العياشي ) : « هم الأئمّة عليهمالسلام » (٣) .
﴿يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى
الْعالَمِينَ (١٢٢) وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ
وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (١٢٣)﴾
ثمّ أنّه تعالى لمّا بدأ عند محاجّة اليهود بتذكيرهم نعمته التي أنعم بها عليهم إجمالا ، ختم محاجتّهم به لتأكيد الحجّة ، وإبلاغ النّصح ، والدّعوة إلى اتّباع الحقّ ، والتّسليم لدينه وأحكامه ، وتصديق نبيّه صلىاللهعليهوآله وكتابه المجيد بقوله : ﴿يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ﴾
ثمّ أردفه بالتّهديد بما هدّدهم به أوّلا من قوله : ﴿وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ وقد مرّ تفسيرهما (٤) .
قيل : نكتة تقديم عدم قبول الفدية في الذكر هنا على عدم قبول الشّفاعة وتأخيره عليه في الآية السابقة ، هي الإشارة إلى اختلاف النّاس في حبّ المال وعلوّ النّفس ، فمن كان حبّه للمال أكثر ، يقدّم الاستشفاع على بذل المال ، ومن كان بالعكس كان عمله بالعكس.
﴿وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ
وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (١٢٤)﴾
ثمّ لمّا كان مشركو قريش ويهود المدينة من ولد إبراهيم عليهالسلام وكان هو عليهالسلام عظيما عندهم ، بل عند
__________________
(١) تفسير العياشي ١ : ١٥٢ / ١٨٩.
(٢) مجمع البيان ١ : ٣٧٥.
(٣) الكافي ١ : ١٦٨ / ٤ ، تفسير العياشي ١ : ١٥٢ / ١٨٨.
(٤) تقدم في تفسير الآية (٤٨) .