الْحَكِيمُ (١٢٩)﴾
في شرح بناء الكعبة وفضلها
ومن تشريفاته عليهالسلام أنّه امر ببناء الكعبة ، فذكّر الله نبيّه صلىاللهعليهوآله به بقوله : ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ﴾ والأساس من الكعبة ، وكان أساسه من زمان آدم عليهالسلام ثمّ خرب بنيانه ، فرفع إبراهيم عليهالسلام البنيان على ذلك الأساس.
روي أن آدم عليهالسلام اهبط بالهند فقال : يا ربّ ، مالي لا أسمع صوت الملائكة كما كنت أسمعها في الجنّة ؟ قال : بخطيئتك ، فانطلق إلى مكّة فابن بها بيتا تطوف به كما رأيتهم يطوفون (١) .
أقول : يعني كما رأيتهم يطوفون حول العرش ، أو بيت المعمور. قال : فانطلق إلى مكّة فبنى البيت ، فكان موضع قدمي آدم قرى وأنهارا وعمارة ، وما بين خطاه مفاوز ، فحجّ آدم البيت من الهند أربعين سنة.
ونقل أنّه سأل عمر كعبا ، فقال : أخبرني عن هذا البيت. فقال : إنّ هذا البيت أنزله الله تعالى من السّماء ياقوته مجوّفة مع آدم عليهالسلام ، فقال : يا آدم ، إنّ هذا بيتي ، فطف حوله ، وصلّ حوله كما رأيت ملائكتي يطوفون حول عرشي ويصلّون. ونزلت معه الملائكة فرفعوا قواعده من حجارة فوضع البيت على القواعد ، فلمّا أغرق الله قوم نوح ، رفعه الله وبقيت قوعده (٢) .
وروي أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام قال : « البيت المعمور بيت في السّماء يقال له الضّراح ، وهو بحيال الكعبة من فوقها ، حرمته في السّماء كحرمة البيت في الأرض ، يصلّي فيه كلّ يوم سبعون ألفا من الملائكة ، لا يعودون فيه أبدا » (٣) .
وروي عنه عليهالسلام قال : « مرّ عليه الدّهر بعد بناء إبراهيم عليهالسلام فانهدم فبنته العمالقة ، ومرّ عليه الدّهر فانهدم فبنته جرهم ، ومرّ عليه الدّهر فانهدم فبنته قريش ، ورسول الله صلىاللهعليهوآله يومئذ شابّ. فلمّا أرادوا أن يرفعوا الحجر الأسود اختصموا فيه ، فقالوا : يحكم بيننا أوّل رجل يخرج من هذه السكّة ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله أوّل من خرج عليهم ، فقضى بينهم أن يجعلوا الحجر في مرط ثمّ ترفعه جميع القبائل ، فرفعوا كلّهم فأخذه رسول الله صلىاللهعليهوآله فوضعه » (٤) .
في وجه تسمية البيت بالحرام والكعبة
وروي : أنّ الكعبة إنّما سميّت بيت [ الله ] الحرام ، لأنّه حرّم على المشركين (٥) . وسمّي
__________________
(١) تفسير الرازي ٤ : ٥٠.
(٢) تفسير الرازي ٤ : ٥٠.
(٣) تفسير الرازي ٤ : ٥١.
(٤) تفسير الرازي ٤ : ٥١.
(٥) علل الشرائع : ٣٩٨ / ١.