الله وعده ، فوافق المخبر الخبر.
﴿وَهُوَ السَّمِيعُ﴾ لما ينطقون به وما تدعوهم إليه ﴿الْعَلِيمُ﴾ بما يضمرونه ، فيعاقبهم على ذلك ، المحيط بما في نيّتك وإرادتك من إظهار الدّين ، وهو مستجيب لك. وفي هذا التّذييل تأكيد لما سبق من وعد الرّسول صلىاللهعليهوآله بالنّصرة والغلبة ، ووعد الكفّار بالقتل والخزي.
﴿صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ (١٣٨)﴾
ثمّ لمّا كان دأب النّصارى تغسيل أولادهم بماء أصفر ، ويسمّونه المعموديّة ، ولعلّه المشهور بغسل التعميد ، وكان دأب اليهود على ما قيل صبغ أولادهم بالصّفرة ، وكان كلّ طائفة يعدّون ويحسبون ذلك الغسل والصّبغ طهارة لأولادهم ، وصف سبحانه دين الإسلام الذي حقيقته الإيمان بالامور المفصّلة في الآية السابقة بقوله : ﴿صِبْغَةَ اللهِ﴾ قيل : إنّ المعنى : قولوا : صبغنا الله صبغته (١) . وفسّرها الصادق عليهالسلام بالإسلام كما عن ( الكافي ) (٢) . وقيل : هي فطرة التوحيد التي فطر النّاس عليها (٣) .
وفي رواية اخرى عنه عليهالسلام : « هي صبغ المؤمنين بالولاية في الميثاق » (٤) .
قيل : إنّ الله تعالى أمر المؤمنين أن يقولوا : آمنّا ، وصبغنا الله بصبغة الإيمان ، وأنتم صبغتم أنفسكم بصبغ الصّفرة ، وصبغنا تطهير دون صبغكم ، حيث طهّرنا من دناسة الشّرك والكفر والعقائد الفاسدة ، بنور التّوحيد والتّسليم والولاية.
قال بعض المفسّرين : إنّ إطلاق الصبغة على العقائد الحقّة من جهة ظهور أثرها عليهم ظهور الصّبغ على المصبوغ وتداخلها قلوبهم تداخل الصبّغ الثّوب (٥) .
وقيل : إنّه من باب مجاز المشاكلة والازدواج ، لزعم أهل الكتاب أنّ الصّبغ بالصّفرة طهارة (٦) كما مرّ.
في أنّ إطلاق الصّبغة على الاسلام والإيمان على الحقيقة
ويمكن أن يقال إنّ إطلاق الصّبغ في الآية حقيقيّ بجميع تفاسيره ، حيث إنّ للعقائد الحقّة من الإسلام والإيمان والولاية نورا في القلب وضياء في النّفس. وكلّما اشتدّ اليقين بها ، اشتدّ ذلك النّور حتّى يحيط بجميع الجوارح ، كما أنّ للكفر والعقائد الفاسدة ظلمة محيطة. ومن الواضح أنّ لون النّور في الأنظار هو البياض ، ولون الظلمة
__________________
(١) تفسير البيضاوي ١ : ٩٠.
(٢) الكافي ٢ : ١٢ / ٢.
(٣) تفسير البيضاوي ١ : ٩٠.
(٤) تفسير العياشي ١ : ١٥٩ / ٢١٤ ، تفسير الصافي ١ : ١٧٦.
(٥) تفسير البيضاوي ١ : ٩٠ ، تفسير الصافي ١ : ١٧٦.
(٦) تفسير أبي السعود ١ : ١٦٨.