وحمده.
كما عن ( العياشي ) : عن الصادق عليهالسلام أنّه سئل : هل للشّكر حدّ إذا فعله الرّجل كان شاكرا ؟ قال : « نعم » .
قيل : وما هو ؟ قال : « الحمد لله على كلّ نعمة أنعمها عليّ ، وإن كان له فيما أنعم به عليه حقّ أدّاه ، ومنه قول الله تعالى : ﴿سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا﴾(١) .
وعنه عليهالسلام في رواية : « عند النعمة الشّكر فريضة » (٢) الخبر.
وإنّما لم يقل : اشكروني ، لما في قوله : ﴿اشْكُرُوا لِي﴾ إشعار باختصاص الشكر به تعالى ، وعدم استحقاق غيره له ، لأنّ جميع النعم بفضله ومنتهية إليه.
ثمّ لتأكيد ذلك الأمر نهى عن ضدّه بقوله : ﴿وَلا تَكْفُرُونِ﴾ نعمي بجحدها ، وعصيان أمري ، بل عليه يكون ترك الشكر كفرانا.
وقيل : إنّ المراد لا تكفرون بي ، ولا تجحدون وحدانيّتي والوهيّتي ، وإنّما خصّ الكفر به تعالى بالنهي عنه ، للتّنبيه على أنّه أعظم قباحة بالنسبة إلى كفر نعمه (٣) .
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (١٥٣) وَلا
تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ (١٥٤)﴾
ثمّ لمّا كان حقيقة شكره وهو تذكّر نعمه والقيام بجميع أوامره وترك ارتكاب جميع منهيّاته شاقّا على النّفوس وثقيلا على الطّباع ، أمر بالصّبر والتوجّه إلى عظمته وسعة رحمته بقوله : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا﴾ على طاعة الله والتورّع عن محارمه وأداء حقّ شكره ﴿بِالصَّبْرِ﴾ على تحمّل مشاقّ الامور وبكفّ النّفس عن مخالفة أحكام الله واتّباع الشّهوات ، فإنّ قوّة تحمّل المشاقّ من غير جزع وأضطراب ذريعة إلى فعل كلّ خير ، ومبدأ كلّ فضل.
عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « الصّبر من الإيمان بمنزلة الرّأس من الجسد » (٤) .
وقال : « الصّبر خير كلّه ، فمن تحلّى بحلية الصّبر سهل عليه القيام بالطّاعات ، والاجتناب عن
__________________
(١) تفسير العياشي ١ : ١٦٧ / ٢٢٦ ، تفسير الصافي ١ : ١٨٥ ، والآية من سورة الزخرف : ٤٣ / ١٣.
(٢) الخصال : ٨٦ / ١٧ ، تفسير الصافي ١ : ١٨٥.
(٣) تفسير روح البيان ١ : ٢٥٦.
(٤) الكافي ٢ : ٧٢ / ٣ ، تفسير روح البيان ١ : ٢٥٧.