نقل أنّهم مع ما رأوا من العذاب وتبرّؤ الرؤساء منهم ، ترفع لهم الجنّة فينظرون إليها وإلى بيوتهم فيها لو أطاعوا الله ، فيقال لهم : تلك مساكنكم لو أطعتم الله. ثمّ تقسّم بين المؤمنين (١) .
وعن الصادق عليهالسلام في قوله تعالى : ﴿كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ﴾ « هو الرّجل يدع المال لا ينفقه في طاعة الله بخلا ، ثمّ يموت فيدعه لمن يعمل به في طاعة الله أو [ في ] معصية الله ، فإن عمل به في طاعة الله يراه في ميزان غيره فيراه حسرة ، وقد كان المال له ، وإن كان عمل به في معصية الله ، قوّاه بذلك المال حتّى عمل به في معصية الله » (٢) .
﴿وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾ أبدا. روي أنّه يساق أهل النّار إلى النّار ، فلا يبقى منهم عضو إلّا لزمه عذاب ، إمّا حيّة تنهشه ، أو ملك يضربه. فإذا ضربه الملك هوى في النّار مقدار أربعين يوما لا يبلغ قرارها. ثمّ يرفعه اللهب ويضربه الملك فيهوي ، فإذا بدا رأسه ضربه - إلى أن قال - فإذا عطش أحدهم طلب الشّراب فيؤتى بالحميم ، فإذا دنا من وجهه سقط وجهه ، ثمّ يدخل في فيه فتسقط أضراسه ، ثمّ يدخل بطنه فيقطّع أمعاءه وينضج جلده (٣) .
وعن سعيد بن جبير : أنّ الله تعالى يأمر يوم القيامة من أحرق نفسه [ في الدنيا ] على ربوبيّة الأصنام أن يدخلوا جهنّم مع أصنامهم ، فلا يدخلون لعلمهم أنّ عذاب جهنّم على الدّوام. ثمّ يقول للمؤمنين بين أيدي الكفار : إن كنتم أحبّائي فادخلوا جهنّم فيقتحمون فيها ، وينادي مناد من تحت العرش : ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾(٤) .
﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ
إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (١٦٨) إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا
تَعْلَمُونَ (١٦٩)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد ما بيّن قبح الشّرك ، وسوء عاقبته ، وكون المشركين معذّبين بالنّار ، محرومين من نعم الآخرة ، بيّن أنّ نعم الدنيا تعمّهم ولا تختصّ بخصوص المؤمنين ، بقوله : ﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا﴾
__________________
(١) تفسير روح البيان ١ : ٢٧١.
(٢) الكافي ٤ : ٤٢ / ٢ ، تفسير العياشي ١ : ١٧٤ / ٢٥٠ ، تفسير الصافي ١ : ١٩١.
(٣) تفسير روح البيان ١ : ٢٧١.
(٤) تفسير روح البيان ١ : ٢٧١ ، والآية من سورة البقرة : ٢ / ١٦٥.