وإن كان الأظهر والأشهر ما ذكرنا من حمل رواية التّفسير ، أو هي مع رواية القمّي رحمهالله عن الباقر عليهالسلام على التّفسير ، وحمل رواية العيّاشي وما هو على مضمونه على البطن والتأويل.
﴿سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ
فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢١١)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان حال الكفّار والمنافقين ، وشدّة لجاجهم على الباطل ، وتهديد المعاندين للحقّ على الزّلل والعصيان ؛ ذكر حال امّة موسى عليهالسلام وشدّة جهلهم وعنادهم للحقّ بعد ظهور الآيات لهم مبالغة في زجر حاضري عصر النّبيّ صلىاللهعليهوآله وتسلية لقلبه الشريف بقوله : ﴿سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ﴾ لا لتحصيل العلم ، بل لأخذ الاعتراف منهم والتّبكيت والتّقريع عليهم ﴿كَمْ آتَيْناهُمْ﴾ وأنزلنا إليهم ﴿مِنْ آيَةٍ﴾ ومعجزة أو دلالة ﴿بَيِّنَةٍ﴾ ظاهرة واضحة على صدق الأنبياء ، إذ [ إنّ ] في الكتب السماوية التي عندهم دلالة ظاهرة على صدق محمّد صلىاللهعليهوآله.
ومن الواضح أنّ كلّ واحد من المعجزات الدّالّة على صدق الأنبياء ، والآيات الدّالّة على صحّة دين الإسلام وصدق محمّد نعمة عظيمة موجبة لهدايتهم إلى الحقّ ، ونجاتهم من الضّلال ، فبدّلوا هذه النعمة بأن جعلوها سببا لضلالهم ، إن كان المراد من الآية معجزات الأنبياء ، أو بأن حرّفوها ، إن كانت آيات الكتب ، وشواهد صدق النبيّ صلىاللهعليهوآله ودينه.
﴿وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ﴾ ويغيّرها عن جهتها أو يحرّفها ﴿مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ﴾ النّعمة ، يعاقبه الله بعقوبة شديدة ﴿فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ﴾ لأنّه عظيم الجرم.
﴿زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا
فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٢١٢)﴾
ثمّ ذكر الله سبحانه سبب تغييرهم النّعمة وتبديلهم الآيات بقوله : ﴿زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ بنعمة الله ، وحسنت في أعينهم ﴿الْحَياةُ الدُّنْيا﴾ وأمتعتها ولذائذها لضعف عقولهم وقوّة شهواتهم ﴿وَ﴾ لذا ﴿يَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ويستهزئون بهم حيث تركوا الدّنيا وزهدوا فيها واختاروا الآخرة.
عن ابن عبّاس : نزلت في أبي جهل ورؤساء قريش ، كانوا يسخرون من فقراء المسلمين كعبد الله