الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ من أرجاس الأحداث ونجاسات الأقذار الجسمانيّة.
عن ( الكافي ) : عن الصادق عليهالسلام : « أنّ الله يحبّ العبد المفتّن (١) التّوّاب ، ومن لا يكون (٢) ذلك منه كان أفضل » (٣) .
وعن ( العلل ) و( العياشي ) عنه عليهالسلام قال : « كان النّاس يستنجون بثلاثة أحجار لأنّهم كانوا يأكلون البسر فكانوا يبعرون بعرا ، فأكل رجل من الأنصار الدّبّاء فلان بطنه واستنجى بالماء ، فبعث إليه النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : فجاء الرّجل وهو خائف أن يكون قد نزل فيه أمر يسوؤه في استنجائه بالماء ، فقال صلىاللهعليهوآله له : هل عملت في يومك هذا شيئا ؟ فقال : [ نعم ] يا رسول الله إنّي - والله - ما حملني على الاستنجاء بالماء إلّا أنّي أكلت طعاما فلان بطني فلم تغن عنّي الحجارة شيئا ، فاستنجيت بالماء.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : هنيئا لك ، فإنّ الله عزوجل [ قد ] أنزل فيك آية ، فأبشر ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ فكنت أنت أوّل من صنع هذا ، وأوّل التّوابين ، وأوّل المتطهّرين (٤) » .
قيل : كان الرّجل الأنصاري هو البراء بن معرور (٥) .
وقيل : إنّ المراد من المتطهّرين : المتنزّهين عن الفواحش والأقذار ، كمجامعة الحائض (٦) . ولعلّه المراد من قول الصادق عليهالسلام : « ومن لا يكون (٧) ذلك منه كان أفضل » (٨) .
﴿نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ
وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٢٢٣)﴾
ثمّ لمّا أذن الله تعالى في الانتفاع بالنّساء في غير محل الحيض حالته ، وفيه أيضا : بعد النّقاء منه ، صرّح بتعميم الإباحة من حيث مكان الانتفاع وكيفيّته بقوله : ﴿نِساؤُكُمْ﴾ وأزواجكم ﴿حَرْثٌ لَكُمْ﴾ ومواضع إلقاء بذوركم منهنّ ، تحرثون الولد واللّذّة. ووجه الشّبه بين النّطفة والبذر ظاهر ، فكما أنّ صاحب الحرث له أن يأتي حرثه من أي مكان وبأيّ كيفيّة ، كذلك الزّوج.
ثمّ لمّا شبّه الأزواج بامكنة الحرث عبّر عن مجامعتهنّ بالإتيان في قوله : ﴿فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى
__________________
(١) أي الممتحن ، يمتحنه الله بالذنب ثم يتوب ، ثم يعود ثم يتوب.
(٢) في المصدر : لم يكن.
(٣) الكافي ٢ : ٣١٦ / ٩.
(٤) تفسير العياشي ١ : ٢٢٣ / ٤٣٢ ، علل الشرائع : ٢٨٦ / ١.
(٥) من لا يحضره الفقيه ١ : ٢٠ / ٥٩ ، تفسير الصافي ١ : ٢٣٢.
(٦) تفسير روح البيان ١ : ٣٤٧.
(٧) في الكافي : لم يكن.
(٨) الكافي ٢ : ٣١٦ / ٩.