وروى العامّة عن النبيّ صلىاللهعليهوآله في حديث : « ملعون من أتى امرأته في دبرها » (١) . والأظهر ما ذكرنا من الجواز مع الكراهة الشّدّيدة.
ثمّ لمّا ذكر الله تعالى أنّ النّساء حرث ، أشار إلى أنّ الدّنيا أيضا حرث الآخرة ، بقوله : ﴿وَقَدِّمُوا﴾ من الأعمال الصالحة ﴿لِأَنْفُسِكُمْ﴾ في الدّنيا ما تنتفعون به في الآخرة ، وأعملوا ما يكون ثوابه ذخرا لكم ليوم حاجتكم.
قيل : إنّ المراد طلب الولد من إتيان النّساء ، حيث إنّه ينفع الوالد في الآخرة ، ولا تكونوا في قيد قضاء الشّهوة (٢) .
وعن ابن عبّاس : أنّ المراد التّسمية قبل الجماع (٣) .
ثمّ بعد الأمر بالطاعة أمر بالاجتناب عن المعاصي ، بقوله : ﴿وَاتَّقُوا اللهَ﴾ وخافوا عقابه في مخالفة أوامره ونواهيه التي من جملتها ما ذكر من الامور ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ﴾ في الآخرة ﴿مُلاقُوهُ﴾ وترون جزاءه ، فتزوّدوا ما لا تفتضحوا به عنده ، وفيه بيان علّة وجوب التّقوى حيث إنّه لو لا الثّواب والعقاب لكان تحمّل المشقّة عبثا.
ثمّ أردف الوعيد بالوعد بقوله : ﴿وَبَشِّرِ﴾ بثواب يقصر عنه البيان ، وبالكرامة العظيمة عند الله ﴿الْمُؤْمِنِينَ﴾ الذين يتلقون أوامر الله ونواهيه بحسن القبول والامتثال.
﴿وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ
سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٤)﴾
ثمّ لمّا أمر سبحانه عباده بالطّاعة والتّقوى ، ذكر أنّ الحلف بالله على تركهما لا أثر له ولا يكون مانعا عنهما بقوله : ﴿وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً﴾ ومانعا وحاجزا ﴿لِأَيْمانِكُمْ﴾ ولأجل حلفكم به على ترك عمل برّ من ﴿أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ﴾
روي أن بشير بن نعمان الأنصاري كان قد طلّق زوجته التي هي اخت عبد الله بن رواحة ، وأراد أن يتزوّجها بعد ذلك ، وكان عبد الله قد حلف على أن لا يدخل على بشير ولا يكلّمه ، ولا يصلح بينه وبين اخته ، فإذا قيل له في ذلك ، قال : [ قد ] حلفت بالله على أن لا أفعل ، ولا يحلّ لي إلّا أن أحفظ
__________________
(١) تفسير روح البيان ١ : ٣٤٧.
(٢) تفسير الرازي ٦ : ٧٤.
(٣) ايضا.