يميني وأبرّ فيه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (١) .
وعن بعض العامّة : أنّها نزلت في أبي بكر حين حلف أن لا ينفق على مسطح لخوضه في حديث الإفك (٢) .
وعن الصادق عليهالسلام في تفسيرها : « إذا دعيت لصلح بين الاثنين فلا تقل : عليّ يمين أن لا أفعل » (٣) .
وقيل : إنّ المراد لا تجعلوا الله معرضا لأيمانكم بإكثار اليمين به (٤) . وعلّة هذا النّهي إرادة أن تبرّوا ، أي تكونوا بارّين متّقين مصلحين بين النّاس حيث إنّ من عرفه النّاس بالبرّ والتّقوى يقبلون قوله في مقام الإصلاح.
عن الصادق عليهالسلام : « لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين ، فإنّ الله يقول : ﴿وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ﴾(٥) الخبر.
﴿وَاللهُ سَمِيعٌ﴾ لأيمانكم ﴿عَلِيمٌ﴾ بضمائركم ونيّاتكم.
﴿لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ
وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٢٥) لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ
غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٧)﴾
ثمّ لمّا ذكر الله تعالى عدم كون الحلف مانعا عن عمل الخير ، ذكر بعض أحكام الحلف من عدم العقوبة والكفّارة على ما يكون منه لغوا وساقطا عن الاعتبار ، بقوله : ﴿لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ﴾ وهو كقول العرب : لا والله ، وبلى والله ، وذلك مرويّ عن الصادقين عليهماالسلام (٦) . فإنّه لا يكون معه قصد وعقد في القلب على الحلف ، بل يجري على اللّسان على حسب العادة أو بقصد تأكيد الكلام.
وقيل : إنّه حلف الرّجل بالله على شيء يظنّ أنّه صادق فيه ، وليس كذلك (٧) .
وقيل : في وجه تسمية الحلف باليمين : إنّ العرب كانوا إذا حلفوا تصافحوا باليمين. أو أنّ أحد
__________________
(١) تفسير روح البيان ١ : ٣٤٩.
(٢) تفسير أبي السعود ١ : ٢٢٣.
(٣) تفسير العياشي ١ : ٢٢٦ / ٤٤٤ ، تفسير الصافي ١ : ٢٣٤.
(٤) جوامع الجامع : ٤٠.
(٥) مجمع البيان ٢ : ٥٦٧ ، تفسير الصافي ١ : ٢٣٤.
(٦) مجمع البيان ٢ : ٥٦٨ ، تفسير الصافي ١ : ٢٣٤.
(٧) تفسير روح البيان ١ : ٣٥٠.