وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٣١)﴾
ثمّ أنّه لمّا كان الإضرار بالمرأة الضّعيفة من القبائح السّخيفة - ومن أقسام الإضرار : أن يطلّق ثمّ يعبر عليها (١) حتى إذا بلغت العدّة آخرها راجعها ، ثمّ يطلّقها ، فتكون مدّة عدّة الطلقات الثّلاث ما يقرب من تسعة أشهر - نهى الله تعالى عنه ، وكرّر التخيير السابق توطئة للزجر عنه ، بقوله : ﴿وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَ﴾ وما يقرب آخر عدّتهن فأنتم بالخيار ، فإذا أحببتم إمساكهنّ ومراجعتهنّ ﴿فَأَمْسِكُوهُنَ﴾ مقرونا ﴿بِمَعْرُوفٍ﴾ والإحسان إليهنّ غير مضارّين بهنّ ﴿أَوْ سَرِّحُوهُنَ﴾ وخلّوهنّ على حالهنّ متلبّسين ﴿بِمَعْرُوفٍ﴾ وإيصال نفع وخير. وهذا التعليق لبيان لزوم مراعاة الصّلاح في تجديد العقد ، لا لبيان اشتراط الصحّة به.
في حرمة الاضرار بالزوجة
﴿وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً﴾ ولا ترجعوا إليهنّ لتضارّهنّ من غير رغبة فيهنّ بل ﴿لِتَعْتَدُوا﴾ وتظلموا ، وتتجاوزوا عليهنّ بالتضييق في المعيشة وسوء المعاشرة وتطويل العدّة.
عن ( الفقيه ) : سئل الصادق عليهالسلام عن هذه الآية فقال : « الرّجل [ يطلّق ] حتّى إذا كاد أن يخلو أجلها [ راجعها ] ثمّ طلّقها ، يفعل ذلك ثلاث مرات ، فنهى الله عزوجل عن ذلك » (٢) الخبر.
قيل : نزلت في ثابت بن يسار الأنصاري ، طلّق امرأته ، حتّى إذا قرب انقضاء عدّتها راجعها ، ثمّ طلّقها بقصد مضارّتها (٣) .
ثمّ لشدّة الاهتمام بترك الإضرار ، عقّب الله النهي بالتّهديد بقوله تعالى : ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ﴾ الإضرار ﴿فَقَدْ ظَلَمَ﴾ وأضرّ ﴿نَفْسَهُ﴾ بتعريضها لسخط الله وعذابه ، وبتفويت المنافع الدّنيويّة والاخرويّة عليها.
ثمّ بالغ سبحانه في التهديد على الإضرار وترك مراعاة الحقوق الواجبة بقوله : ﴿وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ﴾ سواء كانت متضمّنة الأحكام أو غيرها ﴿هُزُواً﴾ ولعبا ؛ بأن تكونوا مستخفّين بها متهاونين فيها ، معرضين عنها. فإنّ أشقى الأشقياء المتجرّئون على الله ، المستخفّون بأحكامه.
روي أنّه كان الرّجل في الجاهليّة يطلّق ويقول : طلّقت وأنا لاعب ، ويعتق وينكح ويقول مثل ذلك.
__________________
(١) كذا ، والعبارة غير واضحة ، والذي في أكثر التفاسير : ثمّ يمسك عنها.
(٢) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٣٢٣ / ١٥٦٧.
(٣) تفسير روح البيان ١ : ٣٦٠.