عقابه في التّهاون في ما شرع من أحكام الأولاد والمراضع.
ثمّ أردفه بالتّهديد بقوله : ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ فيجازيكم به إن خيرا فخير وإن شرّا فشرّ.
﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً
فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللهُ بِما
تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٣٤)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد ما ذكر عدّة المطلّقة ، وأنّها ثلاثة قروء بيّن عدّة المتوفى عنها زوجها بقوله : ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ﴾ وتقبض أرواحهم بالموت ﴿وَيَذَرُونَ﴾ ويتركون من بعدهم ﴿أَزْواجاً﴾ كبيرات أو صغيرات ، حائلات أو حاملات - إذا وضعن قبل المدّة - دائمات أو منقطعات على قول ، حرائر أو إماء على المشهور المنصور ، مدخولا بهنّ أو غير مدخول بهنّ ﴿يَتَرَبَّصْنَ﴾ ويمتنعن عن التّزويج ﴿بِأَنْفُسِهِنَ﴾ ويعتددن ﴿أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً﴾ من زمان العلم بالموت ، أو بلوغ خبره.
عن ( العياشي ) : عن الصادق عليهالسلام : « لمّا نزلت هذه الآية ، جئن النّساء يخاصمن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقلن : لا نصبر. فقال لهنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله : كانت إحداكنّ إذا مات زوجها أخذت بعرة فألقتها خلفها في دويرها (١) ثمّ قعدت ، فإذا كان مثل ذلك اليوم من الحول أخذتها ففتّتها ، ثمّ اكتحلت بها ، ثمّ تزوّجت. فوضع الله عنكنّ ثمانية أشهر » (٢) .
عن الصادق عليهالسلام : « لأنّ حرقة المطلّقة تسكن في ثلاثة أشهر ، وحرقة المتوفّى عنها [ زوجها ] لا تسكن إلّا في أربعة أشهر وعشرا » (٣) .
وقيل : إنّ الحكمة في هذا التّقدير أنّ الجنين في الغالب يتحرّك لثلاثة أشهر إن كان ذكرا ، ولأربعة أشهر إن كان انثى ، فأعتبر أقصى الأجلين ، وزيد عليه العشر استظهارا ، وربّما (٤) تضعف حركته في البادئ فلا يحسّ بها (٥) .
__________________
(١) زاد في المصدر : في خدرها.
(٢) تفسير العياشي ١ : ٢٣٧ / ٤٨٩.
(٣) علل الشرائع : ٥٠٨ / ٢.
(٤) في تفسير البيضاوي : إذ ربما.
(٥) تفسير البيضاوي ١ : ١٢٦.