إلّا آية من سورة الأحزاب ، فإنّه لم يجدها إلّا عند خزيمة بن ثابت ، فأدخلها في القرآن بشهادته وحده ، ولم يكن غيره مطّلعا عليها !
وكيف لم يعترض أحد على عمر بأنّك لا تدري أين آيات الكتاب وعند من تكون ؟ فعلم أنّ الكتاب كان جميعه معيّنا معلوما مشهورا بين الأصحاب.
[ ثانيا ] : وأمّا حكم العقل فبيانه : أنّه لا شبهة أنّ جمع الآيات كان من أهمّ الواجبات لأنّ فيه حفظ أصلها من الضياع ، وحفظ ترتيبها ونظمها من الاختلال مع أنّ عليها مدار شرع الإسلام ، وأساس الدّين والأحكام ، ولم يكن للنبيّ صلىاللهعليهوآله والمسلمين شغل واجب أهمّ منه إلّا الجهاد ، ولم يكن مزاحما به في أغلب الأوقات مع كون أمير المؤمنين عليهالسلام وكثير من الصحابة الخلّصين غالب الحضور ، وعنده صلىاللهعليهوآله ، وكان جمع القرآن وترتيبه في غاية السّهولة ، فكيف يمكن القول بالتسامح والتساهل والتسويف من النبيّ صلىاللهعليهوآله وأمير المؤمنين عليهالسلام والخلّصين من الصحابة في مدّة عشرين سنة ، وتأخير أمير المؤمنين عليهالسلام هذا الواجب إلى بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآله حتّى يقع كثير من الآيات معرضا للتغيير والضياع ؟
والحاصل : أنّ جمع الكتاب وترتيب كلّ ما نزل منه في كلّ وقت وتدوينه ونشره ، كان من أوجب الواجبات وأهمّ الامور ، لوضوح أنّه كان من أعظم معجزات النبيّ صلىاللهعليهوآله وأتمّ الدلائل على صدق النبوّة وأساس الشريعة ، ومأخذ الأحكام الإلهيّة ، ولم يكن مزاحما بأهمّ منه في أغلب الأوقات ، مع أنّا نعلم أنّه كان أغلب أوقات النبيّ صلىاللهعليهوآله والمؤمنين الصادقين مصروفا في العبادات ، وأىّ عبادة كان أهمّ من جمع القرآن الذي كان بجمعه وحفظه حفظ الإسلام مع علمهم بكثرة المنافقين والمعاندين للدّين مع إقدامهم في مشاقّ الامور لحفظ الاسلام.
وكان جمع القرآن عليهم في غاية السّهولة ، خصوصا على النبيّ صلىاللهعليهوآله مع ملازمة أمير المؤمنين عليهالسلام لخدمته في اللّيل والنّهار ، فالمتأمّل المنصف يقطع بوقوع الجمع متدرجا بتدرّج النزول بأمر النبيّ صلىاللهعليهوآله وخطّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، يقطع بجمع كثير من المؤمنين له وتأليف نسخ كثيرة منه ، وعرضها على النبي صلىاللهعليهوآله وعدم تساهل كثير منهم فيه ، حيث لم يكن في زمان النبيّ صلىاللهعليهوآله علم غير علم القرآن ، ولم يكن للصحابة حظّ وعبادة أكثر من تلاوة القرآن.
[ ثالثا ] : وأمّا العادة والاعتبار فبيانه : أنّه كان لعدّة من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآله منصب كتابة الوحي ، فلا بدّ