اعتراضه على أصحابنا الإمامية.
وفيه : أنّهم لا يقولون بأنّها موروثة ، بل يقولون بأنّها منصوصة لمن كان في الأصلاب الشّامخة والأرحام المطهّرة والنفوس الزّكيّة التي طهّرها الله من كلّ رجس.
ثمّ إنّا نقول : إنّ الآية تدلّ على بطلان إمامة من اختاره الخلق ، وعدم أهليّة غير الأعلم والأفضل ، ومن يقول : أقيلوني ، ولست بخيّركم وعليّ فيكم لها.
﴿وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ
مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ
مُؤْمِنِينَ (٢٤٨)﴾
ثمّ أنّه تعالى - بعد نصب طالوت للسلطنة ؛ بإخبار النبيّ الذي كان قوله حجّة - جعل لقطع العذر ، ودفع اعتراض بني إسرائيل ، دليلا وآية على صدق النبيّ ، وكون سلطنة جالوت بنصبه ، وهو ما أشار إليه بقوله : ﴿وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ﴾ من قبل الله ، وعلامة سلطنته الإلهيّة ﴿أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ﴾
وقيل : إنّه قال ذلك بعد طلب بني إسرائيل من النبيّ آية على سلطنة طالوت.
في ذكر خصوصيات تابوت بني إسرائيل وآثاره
قيل : كان التّابوت صندوقا أنزله الله على موسى عليهالسلام ، فوضعته امّه فيه فألقته في اليمّ ، فلمّا حضر موسى عليهالسلام الوفاة ، وضع فيه ألواح التوراة ودرعه وما كان عنده من آيات النّبوّة ، وأودعه يوشع بن نون وصيّه.
ونقل أنّ الله أنزل على آدام تابوتا ، فيه صور الأنبياء من أولاده ، فتوارثه أولاد آدم إلى أن وصل إلى يعقوب ، ثمّ بقي في أيدي بني إسرائيل ، فكانوا إذا اختلفوا في شيء تكلّم وحكم بينهم ، وإذا حضروا القتال قدّموه بين أيديهم ، يستفتحون به على عدوّهم ، وكانت الملائكة [ تحمله ] فوق العسكر وهم يقاتلون العدوّ ، فإذا سمعوا من التّابوت صيحة استيقنوا بالنّصرة (١) .
وروي أنّ سعته كانت ثلاثة أذرع في ذراعين (٢) .
وروي أنّه إذا وضع التّابوت بين المسلمين والكفّار ، فإن تقدّم التّابوت رجل ، لا يرجع حتى يقتل أو
__________________
(١) تفسير الرازي ٦ : ١٧٦.
(٢) معاني الأخبار : ٢٨٤ / ٢.