يغلب ، ومن يرجع عنه كفر ، وقتله الإمام (١) . فلمّا عصوا وفسدوا واستخفّوا به - حتى إنّ الصّبيان كانوا يلعبون به في الطرقات ويستخفّون به - سلّط الله عليهم العمالقة ، فغلبوهم على التّابوت ، وسلبوه ، فلمّا سألوا نبيّهم آية على ملك طالوت ، قال ذلك النبيّ : إنّ آية ملكه أنّكم تجدون التّابوت في داره.
ثمّ أنّ الكفّار الذين سلبوا ذلك التّابوت ، كانوا قد جعلوه في موضع البول والغائط ، فدعا النبيّ في ذلك الوقت ، فسلّط الله على اولئك الكفّار البلاء ، حتّى إنّ كلّ من بال عنده أو تغوّط ، ابتلاه الله بالبواسير.
ونقل أنّه هلك من بلادهم خمس مدائن ، فعلم الكفّار أنّ ذلك لأجل استخفافهم بالتابوت ، فأخرجوه ووضعوه على ثورين فأقبل الثّوران يسيران ، ووكّل الله بهما أربعة من الملائكة يسوقونها حتى أتوا منزل طالوت ، ثمّ أنّ قوم ذلك النبيّ رأوا التّابوت ، فعلموا أن ذلك دليل على كونه ملكا.
فعلى هذا ، نسبة الإتيان إلى التّابوت من باب التّوسّع والمجاز ، كما يقال ربحت التّجارة (٢) .
وعن ابن عبّاس : أنّ التّابوت صندوق ، كان موسى يضع فيه التوراة ، وكان من خشب ، وكانوا يعرفونه ، ثمّ أنّ الله رفعه بعد ما قبض موسى ؛ لسخطه على بني إسرائيل ، قال نبيّ اولئك القوم : إنّ آية ملك طالوت أن يأتيكم التّابوت من السّماء (٣) .
عن الصادق عليهالسلام : « حيثما دار التّابوت في بني إسرائيل دار الملك ، وأينما دار السلاح فينا دار العلم » (٤) .
وفي رواية : « أنّ مثل السّلاح فينا مثل التّابوت في بني إسرائيل ، كانت بنو إسرائيل ، أيّ أهل بيت وجد التّابوت على بابهم أوتوا النّبوّة ، فمن صار إليه السّلاح منّا أوتي الإمامة » (٥) .
﴿فِيهِ سَكِينَةٌ﴾ كائنة ﴿مِنْ رَبِّكُمْ﴾ سئل الكاظم عليهالسلام عن السّكينة ؟ فقال : « ريح تخرج من الجنّة ، لها صورة كصورة الإنسان ، ورائحة طيّبة ، وهي التي نزلت على إبراهيم ، فأقبلت تدور حول أركان البيت وهو يضع الأساطين » (٦) .
وفي رواية اخرى : عنه عليهالسلام ، قيل : وما السّكينة ؟ قال : « روح الله يتكلّم ، كانوا إذا اختلفوا في شيء
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٨٢.
(٢) تفسير الرازي ٦ : ١٧٦.
(٣) تفسير الرازي ٦ : ١٧٦.
(٤) الكافي ١ : ١٨٥ / ٢.
(٥) الكافي ١ : ١٨٥ / ١.
(٦) قرب الإسناد : ٣٧٣ / ١٣٢٧.