المستضعفين للثقل الأصغر والمنكرين لإمامة أمير المؤمنين عليهالسلام والمعرضين عن أهل الذكر والحجج المعصومين.
وليت شعري ، ما ألجأ عمر وأبا بكر إلى التوسّل بزيد بن ثابت الشابّ الحدث في جمع الكتاب الكريم مع عدم علمه بجميع الآيات ، وأمير المؤمنين صلوات الله عليه بين أظهرهم ، وهو باتّفاق الأمّة أعلم الناس بكتاب الله بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ؟ !
وما السبب في اعتمادهم بشهادة شاهدين في كون شيء من كتاب الله إلّا في آيتين من آخر براءة فاكتفوا فيه بشهادة خزيمة ولم يراجعوا إلى عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه في شيء مع أنّه كان عنده جميع القرآن ، وكان أصدق وأوثق من خزيمة وسائر الأمّة ؟
وكيف قال عمر بعد سؤاله عن آية من الكتاب واطّلاعه على كونها عند قتيل اليمامة : إنّا لله ، مع علمه بأنّه لم يفت عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه شيء من الآيات ، وأنّه لم يكن يكتم آيات الكتاب من البرّ والفاجر ؟
الطرفة السادسة
في أنّ القرآن العظيم جمع ثلاث مرات
أحدها كان بحضرة النبي صلىاللهعليهوآله
قال الحاكم في ( المستدرك ) : جمع القرآن ثلاث مرّات : أحدها بحضرة النبيّ صلىاللهعليهوآله واستدل بحديث زيد بن ثابت ، قال : كنّا عند رسول الله صلىاللهعليهوآله نؤلّف القرآن من الرقاع (١) .
الثانية : بحضرة أبي بكر - وأستدلّ برواية البخاري عن زيد بن ثابت ، من بلوغ خبر مقتل أهل اليمامة ، وقول عمر : أنّ القتل قد استحرّ بقرّاء القرآن يوم اليمامة .. إلى آخره (٢) - وقد مرّ ذكره في الطرفة السابقة.
وعن الحارث المحاسبي في كتاب ( فهم السنن ) : كتابة القرآن ليست بمحدثة ، فإنّه صلىاللهعليهوآله كان يأمر بكتابته ، ولكنّه كان مفرّقا في الرّقاع والأكتاف والعسب ، فإنّما أمر الصدّيق بنسخها من مكان إلى مكان مجتمعا ، وكان ذلك بمنزلة أوراق وجدت في بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله فيها القرآن منتشر فجمعها جامع ،
__________________
(١) مستدرك الحاكم ٢ : ٢٢٩.
(٢) صحيح البخاري ٦ : ١٣٥ / ١٩٩.