الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ
هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٥٧)﴾
ثمّ بالغ سبحانه في التّرغيب والتّرهيب بقوله : ﴿اللهُ﴾ تعالى بلطفه وإحسانه ﴿وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ومدبّر امور الّذين أراد إيمانهم. أو المراد محبّ الّذين التزموا بالإيمان وناصرهم.
ومن تدبيره لامورهم ، أو من ثمرات حبّه إيّاهم أنّه : ﴿يُخْرِجُهُمْ﴾ بتوفيقه وتكميل عقولهم ﴿مِنَ الظُّلُماتِ﴾ ظلمة الضّلال والجهل والمعاصي ﴿إِلَى النُّورِ﴾ الذي يعمّ نور الإيمان والإيقان ، والطّاعة والعلم.
عن الصادق ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهمالسلام قال : « المؤمن يتقلّب في خمسة من النّور : مدخله نور ، ومخرجه نور ، وعلمه نور ، وكلامه نور ، ومنظره يوم القيامة إلى النّور » (١) .
وقال بعض : إنّ المؤمنين ثلاث طوائف : عوامّهم ، وخواصّهم ، وخواصّ الخواصّ منهم. فالعوامّ يخرجهم الله من ظلمات الكفر والضّلالة إلى نور الإيمان والهداية ، والخواصّ يخرجهم من ظلمات الصّفات النّفسانيّة والجسمانيّة إلى نور الرّوحانيّة الربّانيّة ، وخواصّ الخواصّ يخرجهم من ظلمات وجودهم إلى نور الفناء في الله ، وكلّها من شؤون ربوبيّته وولايته لهم (٢) .
﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وخبثت فطرتهم ، وسبق في علمه تعالى ضلالتهم ، فيكلهم الله إلى أنفسهم ، فعند ذلك ﴿أَوْلِياؤُهُمُ﴾ ومدبّر امورهم ﴿الطَّاغُوتُ﴾ من الشّياطين ورؤساء الضلال.
عن الباقر عليهالسلام : « أولياؤهم الطّواغيت » (٣) .
وعن القمّي رحمهالله : هم الظّالمون لآل محمّد ﴿أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ﴾ وهم الّذين تبعوا من غصبهم (٤) .
ومن شؤون ولايتهم لإهل الكفر أنّهم ﴿يُخْرِجُونَهُمْ﴾ بوساوسهم وتسويلاتهم وسائر وسائل الإضلال ﴿مِنَ النُّورِ﴾ الذي هو الإيمان والعقائد الحقّة ﴿إِلَى الظُّلُماتِ﴾ الثلاث المذكورة.
قيل : إنّ القضيّة الاولى نزلت في قوم من أهل الكتاب آمنوا بالنبيّ ، والاخرى في قوم ارتدّوا عن الإسلام.
عن الصادق عليهالسلام : « النّور آل محمّد صلىاللهعليهوآله ، والظّلمات عدوّهم » (٥) .
__________________
(١) الخصال : ٢٧٧ / ٢٠ ، تفسير الصافي ١ : ٢٦٢.
(٢) تفسير روح البيان ١ : ٤٠٩.
(٣) الكافي ٨ : ٢٨٩ / ٤٣٦ ، تفسير الصافي ١ : ٢٦٢.
(٤) تفسير القمي ١ : ٨٥ ، تفسير الصافي ١ : ٢٦٢.
(٥) تفسير العياشي ١ : ٢٦٠ / ٥٦٥ ، تفسير الصافي ١ : ٢٦٢.