وعن ابن أبي يعفور ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام اخالط النّاس ، فيكثر عجبي من أقوام لا يتولّونكم ، ويتولّون فلانا وفلانا ، لهم أمانة وصدق ووفاء ، وأقوام يتولّونكم ليست لهم تلك الأمانة ولا الوفاء والصدق !
قال : فاستوى أبو عبد الله عليهالسلام جالسا ، فأقبل عليّ كالمغضب (١) . ثمّ قال : « لا دين لمن دان الله بولاية إمام جائر ليس من الله ، ولا عتب على من دان الله بولاية إمام عادل من الله » .
قلت : لا دين لاولئك ، ولا عتب على هؤلاء ؟ قال : « نعم ، لا دين لاولئك ، ولا عتب على هؤلاء » .
ثمّ قال - : « ألا تسمع لقول الله عزوجل : ﴿اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ﴾ يعني ظلمات الذّنوب إلى نور التّوبة والمغفرة بولايتهم كلّ إمام عادل من الله عزوجل ، وقال : ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ﴾ إنّما عنى بهذا أنّهم كانوا على نور الإسلام ، فلمّا أن تولّوا كلّ إمام جائر ليس من الله ، خرجوا بولايتهم من نور الإسلام إلى ظلمات الكفر ، فأوجب الله تعالى لهم النّار مع الكفّار » (٢) .
وزاد العيّاشي بعد قوله : إلى الظلمات ، قال : قلت : أ ليس الله عنى بهذا الكافر (٣) حين قال : ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا﴾ قال : فقال : « وأي نور للكافر وهو كافر به (٤) فاخرج منه إلى الظّلمات ؟ ! إنّما عنى بهذا ... » (٥) إلى آخر الحديث.
﴿أُولئِكَ﴾ الكافرون بالله ورسله ، أو بولاية ولاة الحقّ ﴿أَصْحابُ النَّارِ﴾ وملازموها ﴿هُمْ﴾ خاصّة ﴿فِيها خالِدُونَ﴾ ماكثون أبدا.
وفي رواية : « فأعداء أمير المؤمنين عليهالسلام هم الخالدون في النّار ، وإن كانوا في أديانهم على غاية الورع والزهد والعبادة » (٦) .
قيل : إنّه تعالى لم يقل بعد قوله : ﴿يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ﴾ أولئك أصحاب الجنّة هم فيها خالدون تعظيما لشأن المؤمنين وإشعارا بأنّ البيان (٧) لا يفي بما أعدّ لهم من الثّواب (٨).
__________________
(١) في الكافي وتفسير الصافي : كالغضبان.
(٢) الكافي ١ : ٣٠٧ / ٣ ، تفسير الصافي ١ : ٢٦٢.
(٣) في تفسير العياشي : بها الكفار.
(٤) أي بالاسلام.
(٥) تفسير العياشي ١ : ٢٥٩ / ٥٦٤ ، تفسير الصافي ١ : ٢٦٣.
(٦) تفسير العياشي ١ : ٢٦١ / ٥٦٦ ، تفسير الصافي ١ : ٢٦٣.
(٧) زاد في تفسير روح البيان : اللفظي.
(٨) تفسير روح البيان ١ : ٤٠٩ ، وفيه : أعدّ لهم في دار الثواب.