والكافران : نمرود وبخت نصّر ، وهو شدّاد بن عاد الذي بنى إرم في بعض صحاري عدن (١) .
وعن البرقي ، مرفوعا ، ما يقرب منه ، إلى قوله : وبخت نصّر (٢) .
ونقل : أنّ نمرود أوّل من وضع التّاج وتجبّر ، ودعا النّاس إلى عبادته (٣) .
وقيل : أنّ المراد أنّه حاجّ إبراهيم عليهالسلام شكر الله لأجل أن آتاه الملك ، على طريقة العكس ، كقولك : عاديتني لأنّي أحسنت إليك.
قيل : إنّ المحاجّة كانت بعد كسر إبراهيم عليهالسلام الأصنام ، وقبل إلقائه في النّار.
روي من طرق العامّة أنّه عليهالسلام لمّا كسر الأصنام سجنه نمرود ، ثمّ أخرجه ليحرقه ، فقال : من ربّك الذي تدعونا إليه ؟ (٤) .
وعن الصادق عليهالسلام أنّه كان بعد إلقائه في النّار (٥) .
ثمّ شرح الله المحاجّة بقوله : ﴿إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ﴾ بعد سؤال نمرود عن ربّه : ﴿رَبِّيَ﴾ القادر ﴿الَّذِي يُحْيِي﴾ الميت ﴿وَيُمِيتُ﴾ الحيّ ، فاستدلّ بفعله الذي لا يشاركه فيه أحد من الخلق. وتقديم الإحياء لكون القدرة فيه أظهر.
فعارضه نمرود و﴿قالَ﴾ لغاية بلادته ، أو للتّمويه والتّلبيس على النّاس : ﴿أَنَا﴾ أيضا ﴿أُحْيِي﴾ الميت ﴿وَأُمِيتُ﴾ الحيّ.
روي أنّه دعا برجلين قد حبسهما ، فقتل أحدهما ، وأطلق الآخر ، فقال : قد أحييت هذا وأمتّ هذا (٦) .
وعن الصادق عليهالسلام : « أنّ إبراهيم عليهالسلام قال له : أحي من قتلته إن كنت صادقا » (٧) .
ثمّ أعرض عن جواب معارضته الفاسدة ، لكون بطلانها من الظّهور بحيث لا يكاد يخفى على أحد ، وأتى بحجّة لا يقدر الأحمق على معارضتها بمثل هذا التمويه ﴿قالَ إِبْراهِيمُ﴾ عليهالسلام : إنّ كنت قادرا على مثل مقدورات الله ﴿فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ﴾ إلى المغرب قسرا ، بمشيئته وقدرته ، لوضوح أنّ الحركة ليست من لوازم ذات الجسم ، وإلّا لم يوجد جسم منفكّا عن الحركة ، وهو خلاف الحسّ والوجدان ، فلا بدّ أن يكون محرّك جرم الشّمس مع كمال عظمته هو خالقها ، وليس إلّا الله
__________________
(١) تفسير روح البيان ١ : ٤١٠.
(٢) الخصال : ٢٥٥ / ١٣٠ ، تفسير الصافي ١ : ٢٦٣.
(٣) تفسير روح البيان ١ : ٤١٠ ، وفيه : وتجبّر ، وادعى الربوبية.
(٤) تفسير روح البيان ١ : ٤١٠.
(٥) مجمع البيان ٢ : ٦٣٥ ، تفسير الصافي ١ : ٢٦٣.
(٦) تفسير روح البيان ١ : ٤١٠.
(٧) مجمع البيان ١ : ٦٣٦ ، تفسير الصافي ١ : ٢٦٣.