فعلوا بصحيفتي ، ولقد قرأت على رسول الله صلىاللهعليهوآله سبعين سورة ، وكان زيد بن ثابت في صلب أبيه الكافر - أو قال : - كان يلعب مع الصّبيان (١) .
الطرفة السابعة
في أنّ ترتيب سور القرآن
وآياته كان بأمر الله ووحيه
لا ريب في أنّ لآيات الكتاب العزيزة وسوره ترتيبا مرضيّا عند الله ، ثابتا في اللّوح المحفوظ ، منزّلا على النبيّ صلىاللهعليهوآله بواسطة جبرئيل عليهالسلام ، لأنّ حسن الترتيب والنظم ممّا له مدخل تامّ في حسن الكتاب ، وفي القرآن المجيد الذي هو أحسن الكتب ، ومطالبه أحسن الحديث ، والعلوم المنطوية فيه أشرف العلوم وأعلاها ، وبيانه في الفصاحة والبلاغة فوق طوق البشر ، لا بدّ من أن يكون ترتيبه على أحسن الوجوه ، ونظمه أحسن النظام ، بل قال بعض العلماء : إنّ حسن نظم آيات القرآن وسوره من وجوه إعجازه ، ومن بدائع اسلوبه ، وعلى هذا لا بدّ أن يكون نظمه وترتيبه من قبل الله تعالى ، ولا يكون من البشر ، ويؤيد ذلك أنّ الله تعالى أضاف الكتاب الكريم إلى ذاته المقدّسة.
ومن الواضح أنّ الكتاب اسم لمجموع المطالب المرتّبة المنظّمة ، فإذا ألّف أحد الأحاديث النبوية وبوّبها ورتّبها في دفتر ، أو جمع شخص خطب أمير المؤمنين عليهالسلام في ديوان ، منضّما ومرتّبا ، لا ينسب ذلك الدفتر والديوان إلى النبيّ ، وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما ، بل يضاف إلى المؤلّف والجامع ، وعلى هذا يدلّ إطلاق كتاب الله في الآيات الكريمة ، والروايات المتواترة على هذه المجموعة المرتّبة المنظّمة ، على أنّ علومها وعباداتها ونظمها وترتيبها وتأليفها من الله تعالى ، لا شريك له فيها من خلقه.
ويدلّ على ذلك ما روي عن عثمان بن أبي العاص ، قال : كنت جالسا عند رسول الله صلىاللهعليهوآله إذ شخص ببصره ثمّ صوّبه ، ثمّ قال : أتاني جبرئيل ، فأمرني أن أضع هذه الآية هذا الموضع من هذه السورة ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى﴾(٢) إلى آخرها (٣) .
__________________
(١) مستدرك الحاكم ٢ : ٢٢٨.
(٢) النحل : ١٦ / ٩٠.
(٣) مسند أحمد ٤ : ٢١٨ ، الإتقان في علوم القرآن ١ : ٢١٢.