النّاس » (١) .
وعنه صلىاللهعليهوآله « لأن يأخذ أحدكم حبله ، فيذهب فيأتي بحزمة حطب على ظهره ، فيكفّ بها وجهه ، خير له من أن يسأل النّاس أشياءهم ؛ أعطوه أو منعوه » .
وعنه صلىاللهعليهوآله : « إنّ الله يحبّ الحييّ الحليم المتعفّف ، ويبغض البذيء السّائل الملحف » (٢) .
وقيل : إنّ المراد من الآية نفي السؤال والإلحاف جميعا ، أي لا يسألون النّاس أصلا فيكون إلحافا (٣) .
ثمّ حثّ سبحانه على مطلق الإنفاق ، سيّما على الموصوفين بتلك الصّفات ، بأبلغ بيان وأخصره وأوجزه بقوله : ﴿وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ﴾ ومال ، أو من كلّ ما وجدتموه ، ممّا ينتفع به الغير ؛ علما أو جاها أو مالا ﴿فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ فيجازيكم به أحسن الجزاء.
﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا
خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٤) الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَما يَقُومُ
الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ
اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى
اللهِ وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٧٥) يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا
وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (٢٧٦)﴾
ثمّ بيّن شمول حسن الإنفاق لجميع الأوقات والأحوال بقوله : ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ﴾ في أيّ وقت من الأوقات كان ﴿بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ﴾ وفي أيّ حال من الأحوال كان ﴿سِرًّا وَعَلانِيَةً﴾ لا يخصّون إنفاقهم بوقت دون وقت ، وبحال دون حال. ولعلّ وجه تقديم اللّيل والسّرّ ، مزيّتهما على النّهار والعلانيّة ﴿فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ﴾ وثوابهم الموعود المدّخر ﴿عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ ومليكهم اللّطيف بهم ﴿وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ من مكروه آت ﴿وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ من محبوب فات.
ذكر فضيلة لأمير المؤمنين عليهالسلام
عن ابن عبّاس رضى الله عنه : أنّ عليّا عليهالسلام ما كان يملك غير أربعة دراهم ؛ فتصدّق بدرهم ليلا ، وبدرهم نهارا ، وبدرهم سرّا ، وبدرهم علانيّة. فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : « ما حملك على هذا »
__________________
(١) وكذا.
(٢) تفسير روح البيان ١ : ٤٣٥.
(٣) تفسير روح البيان ١ : ٤٣٥.