وعنه عليهالسلام : « من أراد أن يظلّه الله يوم لا ظلّ إلّا ظله - قالها ثلاثا ، فهابه النّاس أن يسألوه ، فقال - : فلينظر معسرا ، أو ليدع له من حقّه » (١) .
روي أنّه جاء رجل إلى أبي عبد الله عليهالسلام فقال له : يا [ أبا ] عبد الله قرض إلى ميسرة. فقال له أبو عبد الله عليهالسلام : « إلى غلّة تدرك » فقال الرّجل : لا والله. قال : « فإلى تجارة تؤوب » قال : لا والله. قال : « فإلى عقدة (٢) تباع » فقال : لا والله ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : « فأنت ممّن جعل الله له من أموالنا حقّا » ثمّ دعا بكيس فيه دراهم ، فأدخل يده فيه ، فناوله منه قبضة (٣) .
﴿وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا
يُظْلَمُونَ (٢٨١)﴾
ثمّ ختم سبحانه أحكام الرّبا والمعسر بالتّوعيد بالعقاب على المخالفة ، والوعد بالثّواب على الطّاعة بقوله : ﴿وَاتَّقُوا يَوْماً﴾ عظيما ، كثير الأهوال والشّدائد ﴿تُرْجَعُونَ﴾ وتردّون ﴿فِيهِ﴾ قهرا ﴿إِلَى اللهِ﴾ وحكمه ، فيحاسب فيه أعمالكم ﴿ثُمَّ تُوَفَّى﴾ وتعطى كاملا ﴿كُلُّ نَفْسٍ﴾ من المطيع والعاصي ﴿ما كَسَبَتْ﴾ وحصّلت من جزاء أعمالها في الدّنيا من الطّاعة والعصيان ﴿وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ من قبل الله بتنقيص ثواب أو زيادة عقاب. وفيه تأكيد لتوفية الجزاء ، وإشعار بأنّ العذاب - وإن كان مؤبدا ، وفي أعلى مرتبة الشّدة - لا يكون ظلما ، بل هو على حسب الاستحقاق.
عن ابن عبّاس رضى الله عنه : هذه الآية آخر أية نزلت على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وذلك لأنّه صلىاللهعليهوآله لمّا حجّ نزلت ﴿يَسْتَفْتُونَكَ﴾(٤) وهي آية الكلاله ، ثمّ نزل وهو واقف بعرفة ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾(٥) ثمّ نزل ﴿وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ﴾ فقال جبرئيل : يا محمّد ، ضعها على رأس ثمانين آية ومائتي آية من البقرة ، وعاش رسول الله صلىاللهعليهوآله بعدها أحدا وثمانين يوما (٦) .
أقول : قيل : أحدا وعشرين ، وقيل : سبعة أيّام ، وقيل : ثلاث ساعات (٧) . ولا ينافي ذلك ما روي من أنّ سورة النّصر آخر ما نزل ؛ لأنّها آخر سورة ، وهذه آخر آية.
__________________
(١) الكافي ٤ : ٣٥ / ١ ، تفسير الصافي ١ : ٢٨٢.
(٢) العقدة : كلّ ما يمتلكه الإنسان من ضيعة ، أو عقار ، أو متاع ، أو مال ...
(٣) الكافي ٣ : ٥٠١ / ١٤ ، تفسير الصافي ١ : ٢٨٢.
(٤) النساء : ٤ / ١٧٦.
(٥) المائدة : ٥ / ٣.
(٦) (٦ و٧) . تفسير الرازي ٧ : ١٠٤.
(٧) (٦ و٧) . تفسير الرازي ٧ : ١٠٤.