هُمْ وَقُودُ النَّارِ (١٠)﴾
ثمّ - لمّا علم أنّ هذا الإيمان همّهم في طلب الهداية إلى الحقّ في الدّنيا ، ونيل الرّحمة ، والفوز بالسّعادة في الآخرة ، لا في المال والأولاد والحطام الفانية ، بخلاف الكفّار وأهل الزّيغ المتّبعين للمتشابهات ، كما نقل أنّ بعض الوفد (١) بعد اعترافه بأنّ محمّدا صلىاللهعليهوآله هو النبيّ الموعود المنتظر ، قال : إن آمنّا به أخذ منّا أموالنا وذهب جاهنا عند الملوك - بيّن الله حال الكفّار في الآخرة ، وهدّدهم بشديد عقابه ، وأنّ أموالهم لا تنجيهم منه بقوله : ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ من نصارى نجران ، وسائر صنوف المعاندين للحقّ ، تنقطع عنهم وسائل النّجاة من العذاب في الآخرة ، حيث إنّه ﴿لَنْ تُغْنِيَ﴾ ولا تجزي أبدا ﴿عَنْهُمْ﴾ في الآخرة ، أو فيها وفي الدّنيا ﴿أَمْوالُهُمْ﴾ التي جمعوها واكتسبوها في الدّنيا ، بقصد جلب المنافع ودفع المضارّ عن أنفسهم بها ﴿وَلا أَوْلادُهُمْ﴾ الّذين يعوّلون عليهم في الخطوب ، ويتناصرون بهم في دفع الكروب ﴿مِنَ﴾ عذاب ﴿اللهِ﴾ أو من عند الله ﴿شَيْئاً﴾ قليلا من الإغناء ، أو من العذاب.
وتخصيص الأموال والأولاد من وسائل الدّفاع والنّجاة بالذّكر ، لكونهما من أهمّها وأقواها ، وتقديم ذكر الأموال لأنّها أوّل عدّة يفزع إليها عند الملمّات.
﴿وَأُولئِكَ﴾ البعيدون عن رحمة الله ، بعد قطع امنيات الخلاص ﴿هُمْ﴾ خاصّة ﴿وَقُودُ النَّارِ﴾ فتشتعل نار جهنّم فيهم كاشتعالها في الحطب والحشائش. وهذا أوضح بيان لكمال ملابستهم بالنّار ، ولسوء حالهم ، وتهويل شأنهم.
﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ
شَدِيدُ الْعِقابِ (١١) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ
الْمِهادُ (١٢)﴾
ثمّ بيّن الله تعالى أنّ عادة هؤلاء الكفّار وشأنهم ؛ في التّمادي في الكفر ، وتكذيب الرّسول ، والتّمرّد عن الحقّ ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ ومثل شأنهم ﴿وَ﴾ شأن ﴿الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ من العتاة والمردة ومعاملتهم معك كمعاملتهم مع موسى عليهالسلام وسائر الأنبياء العظام عليهمالسلام.
__________________
(١) وفد نصارى نجران المتقدّم ذكره في أول السورة.