إدخال نور الإيمان أو نور الموجود في ظلمة الماهيّة.
﴿وَتُخْرِجُ الْحَيَ﴾ وتخلقه ﴿مِنَ﴾ الجسم ﴿الْمَيِّتِ﴾ ومن مادّة لا حياة لها من تراب ، أو نطفة ، أو بيضة. أو المراد : تخلق العالم من الجاهل ﴿وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ﴾ كالنّطفة والتّراب وغيرهما ﴿مِنَ﴾ المبدأ ﴿الْحَيَ﴾ كالإنسان وغيره من الحيوانات.
وعن ( المعاني ) : عن الصادق عليهالسلام : « أنّ المؤمن إذا مات لم يكن ميّتا ، وأنّ الميّت هو الكافر » ، ثمّ فسّر الآية : بأنّ المؤمن يخرج من الكافر ، والكافر من المؤمن (١) .
﴿وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ﴾ أن ترزقه ﴿بِغَيْرِ حِسابٍ﴾ وتعب ، أو بغير تقتير.
عن أبي العبّاس المقري ، قال : ورد لفظ الحساب في القرآن على ثلاثة أوجه : بمعنى التّعب ، قال تعالى : ﴿وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ ،﴾ وبمعنى العدد ، قال تعالى : ﴿إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ﴾(٢) ، وبمعنى المطالبة ، قال تعالى : ﴿فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ﴾(٣) .
﴿لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ
مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ
الْمَصِيرُ (٢٨)﴾
ثمّ بعد ما بيّن الله سبحانه أنّ الملك والعزّة والخير والرّزق كلّه بيد الله ، نهى المؤمنين عن موالاة الكفّار بطمع الخير والعزّة والمال بقوله : ﴿لا يَتَّخِذِ﴾ ولا يختار ﴿الْمُؤْمِنُونَ﴾ لقرابة ، أو صداقة جاهليّة ، أو جوار أو غيرها من الأسباب ﴿الْكافِرِينَ﴾ الّذين هم أعداء الله ، وأعداء دينهم ﴿أَوْلِياءَ﴾ وأحبّاء لأنفسهم ﴿مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ الّذين هم أولياء الله وأحبّاؤه ، وبدلا منهم ، مع كونهم للأخوّة الحقيقيّة المعنويّة أحقّاء بالموالاة ، والكفّار أحقّاء بالمعاداة للمباينة الدّينيّة.
فليس للمؤمن أن يؤثر ولاية أعداء الله والمباينين له في الدّين على ولاية أحبّائه واخوّتهم الدّينيّة ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ﴾ الفعل الشّنيع من اتّخاذ أعداء الله أولياء ﴿فَلَيْسَ مِنَ﴾ ولاية ﴿اللهِ فِي شَيْءٍ﴾ يصحّ أن يطلق عليه اسم الولاية ، ويكون خارجا عنها ومنسلخا منها رأسا ، لكمال التّنافي بين ولاية
__________________
(١) معاني الأخبار : ٢٩٠ / ١٠ ، تفسير الصافي ١ : ٣٠١.
(٢) الزمر : ٣٩ / ١٠.
(٣) تفسير روح البيان ٢ : ١٨ ، والآية من سورة ص : ٣٨ / ٣٩.