طاعته كطاعة الله ، ويأمرنا أن نحبّه كما أحبّت النّصارى عيسى ، فنزلت (١)﴿قُلْ﴾ يا محمّد ، ردّا لشبهة المنافقين : ﴿أَطِيعُوا اللهَ﴾ لكونه بالذّات مستحقا للطّاعة ، ﴿وَ﴾ أطيعوا ﴿الرَّسُولَ﴾ لكونه رسولا ومبلّغا عن الله ، لا لأهليّة نفسه ، كما تقول النّصارى في عيسى ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ وأعرضوا عن طاعة الله في أحكامه التي جاء بها رسوله ، فقد كفروا بنعمه ، واستوجبوا سخطه ﴿فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ﴾ به وبنعمه ، بل يبغضهم ويعذّبهم بأشدّ العذاب.
ففيه دلالة على أنّ وجوب طاعة النبيّ ، لكونها من شؤون وجوب طاعة الله ، فمن أدّعى محبّة الله ، وخالف أوامر نبيّه ونواهيه ، فهو كاذب في دعواه.
﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً
بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤)﴾
ثمّ أنّه لمّا بيّن سبحانه أنّ محبّته لا تنفكّ عن طاعة الرّسل ، بيّن علوّ درجاتهم ، وشرف مناصبهم ، تحريصا عليها ؛ بقوله : ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفى﴾ واختار من جميع خلقه ﴿آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ﴾ وأشراف ولده ، وهم إسماعيل وإسحاق والأنبياء من ذرّيّتهما ، ولا شبهة أنّ أشرفهم محمّد صلىاللهعليهوآله وذرّيّته الطّيّبة.
عن الباقر عليهالسلام ، أنّه تلا هذه الآية ، فقال : « نحن منهم ، ونحن بقيّة تلك العترة » (٢) .
وعن الصادق عليهالسلام ، قال : « قال محمّد بن أشعث بن قيس الكندي عليه اللّعنة للحسين عليهالسلام : يا حسين بن فاطمة أيّة حرمة لك من رسول الله صلىاللهعليهوآله ليست لغيرك ؟ فتلا الحسين عليهالسلام هذه الآية ، ثمّ قال : والله إنّ محمّدا صلىاللهعليهوآله لمن آل إبراهيم ، وإنّ العترة الهادية لمن آل محمّد عليهمالسلام » (٣) .
وفي ( العيون ) ، في حديث : فقال المأمون : هل فضّل الله العترة على سائر النّاس ، فقال أبو الحسن عليهالسلام : « إن الله تعالى أبان فضل العترة على سائر النّاس في محكم كتابه » .
فقال المأمون : أين ذلك من كتاب الله ؟ فقال له الرّضا عليهالسلام : « في قوله تعالى : ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ
__________________
(١) تفسير الرازي ٨ : ١٩.
(٢) تفسير العياشي ١ : ٢٩٩ / ٦٦٩ ، تفسير الصافي ١ : ٣٠٥.
(٣) أمالي الصدوق : ٢٢١ / ٢٣٩.