قال الشيخ رحمهالله : وقد ورد عن النبيّ صلىاللهعليهوآله رواية لا يدفعها أحد ، أنّه قال : « إنّي مخلّف فيكم الثّقلين ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض » قال : وهذا يدلّ على أنّه موجود في كلّ عصر ، لأنّه لا يجوز أن يأمرنا بالتمسّك بما لا نقدر على التمسّك به ، كما أنّ أهل البيت ومن يجب اتّباع قوله حاصل في كلّ وقت ، وإذا كان الموجود بيننا مجمعا على صحّته ، فينبغي أن نتشاغل بتفسيره وبيان معانيه ونترك ما سواه (١) .
وحمل كلامه رحمهالله على وجوده جميعا عند أهله كما صدر عن الفيض رحمهالله خلاف نصّه (٢) ، فإنّ القرآن الذي فيه جميع الأحكام ، حتّى أرش الخدش ، غير مقدور التمسّك به (٣) ، ولا ينتقض بعدم إمكان التمسّك بالعترة في زمان الغيبة ، فإنّ المراد بالتمسّك بهم تولّيهم والأخذ بأقوالهم ، وهذا ممكن لكلّ أحد في كلّ عصر لوجود رواياتهم ، وإن لم يمكن التشرّف بحضرتهم ، واكتساب الفيوضات الخاصّة من زيارتهم ، واقتباس الأنوار ببركة صحبتهم.
فيتبيّن من جميع ما فصّلناه عدم المجال لاحتمال وقوع التحريف في القرآن الشريف بوجه من الوجوه ، فضلا عن القول به من كلّ وجه.
الطّرفة الحادية عشرة
فى عدد سور القرآن ، وبيان الاختلاف فيه
المشهور بين الإمامية رضوان الله عليهم أنّ عدد سور الكتاب العزيز مائة واثنا عشر ، لعدّهم الضّحى والانشراح سورة واحدة ، والفيل وقريش أيضا سورة واحدة ، بل ادّعى بعض الأساطين الإجماع عليه (٤) ، وعليه النصوص المعتبرة عن أهل البيت عليهمالسلام (٥) .
ونقل جماعة من العامّة أنّ في مصحف أبيّ أنّ سورة الفيل وسورة لإيلاف واحدة (٦) .
ونقل عن طاوس وغيره من مفسّري العامّة ، على ما في ( إتقان السّيوطي ) : أنّ الضّحى وألم نشرح
__________________
(١) تفسير التبيان ١ : ٣.
(٢) راجع تفسير الصافي ١ : ٤٩.
(٣) لعلّه يريد به القرآن الذي جمعه أمير المؤمنين علي عليهالسلام ، وهو لا يختلف عن الكتاب الذي بين أيدينا إلّا في الترتيب ، حيث إنه عليهالسلام جمعه على ترتيب النزول ، وقدّم فيه المنسوخ على الناسخ ، وكتب فيه تأويل بعض الآيات وتفسيرها.
(٤) اعتقادات الصدوق : ٩٣.
(٥) مجمع البيان ١٠ : ٧٦٩ و٨٢٧.
(٦) تفسير الرازي ٣٢ : ١٠٤.