وقيل : إنّه ذكرت هذه الحروف المقطّعة إشعارا بأنّ القرآن مؤلّف من الحروف التي هي ( ا ، ب ، ت ) ليدلّ القوم الذين نزل القرآن بلغتهم أنّه بالحروف التي يعرفونها ويتداولونها في ألسنتهم ، فيكون ذلك تقريعا لهم ودلالة على عجزهم أن يأتوا بمثله بعد أن علموا أنّه منزل بالحروف التي يعرفونها ويبنون كلامهم منها (١) .
وإلى هذا الوجه أشار العسكري عليهالسلام في التفسير المنسوب إليه (٢) .
الطّرفة التاسعة عشرة
في بيان معنى التفسير والتأويل ، وعدم كون بيان
المراد من الظاهر تفسيرا منهيا عنه ، واختصاص
العلم بالتأويل بالراسخين في العلم
التفسير : هو كشف القناع عن المعنى ، وتوضيح المقصود من الكلمة أو الكلام.
والتأويل : هو أول الكلام وإرجاعه إلى بعض المعاني البعيدة المحتملة منه. وقيل : هما واحد.
والظاهر أنّ بيان المراد من المحكمات ، نصّا كان المحكم أو ظاهرا ، ليس من التفسير أو من المنهي عنه ، لتواتر الأمر بالتمسّك بالكتاب والعمل به ، وعرض الأحاديث عليه ، وترجيح المتعارضات منها به ، وتميّز الشروط الصحيحة عن الفاسدة بموافقتها له ، وسيرة المسلمين والأصحاب على التمسّك بظواهره ، فضلا عن نصوصه.
وأمّا غير المحكمات فلا شبهة أنّ العلم به مخصوص بالراسخين في العلم ، وأنّه لا يجوز لغيرهم التكلّم فيه برأيه ومن قبل نفسه عن جزم وبتّ ، وعليه تحمل الروايات الناهية عن تفسير القرآن بالرأي ، أو عليه وعلى القول في المحكمات من دون فحص في الأخبار المعتبرة عن الهداة صلوات الله عليهم عن ناسخها ومقيّدها ومخصّصها ومبيّنها.
في نقل تحقيق بعض العامة في وجه الحاجة إلى تفسير الكتاب بالرجوع إلى الراسخين في العلم وقال بعض في وجه الحاجة إلى تفسير الكتاب بالرّجوع إلى الراسخين في العلم زائدا على ما ذكرنا : إنّ من المعلوم أنّ الله تعالى خاطب خلقه بما يفهمونه ، ولذلك أرسل كلّ رسول بلسان قومه ، وأنزل كتابه على لغتهم ، ومع ذلك يحتاج إلى التفسير
__________________
(١) الإتقان في علوم القرآن ٣ : ٣١.
(٢) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٦٢.