(فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما)(١).
والثاني : مثل عدم وجود إكرام زيد اللازم لقول المولى : إن جاءك زيد فاكرمه ، حيث القضية الملفوظة موجبة واللازمة لها سالبة ، ومنه تبيّن أنّ المفهوم ـ الذي هو محلّ البحث في المقام ـ يكون لازما لمدلول الكلام ، فعليه يكون المفهوم من المداليل الالتزامية ، إلّا أنّه لا يكون إلّا في الجمل ، فيكون المفهوم مدلولا التزاميا للجملة.
ثمّ النزاع في بحث المفاهيم إنّما هو في ثبوت المفهوم للكلام لا في اعتباره ؛ لأنّه على تقدير ثبوته يكون معتبرا جزما.
ب ـ أقسام المفهوم :
الأوّل : مفهوم الموافقة أو فحوى الخطاب :
وهو عبارة عمّا يلزم القضية الملفوظة ، ويكون مطابقا للمنطق في الإيجاب والسلب ، كدلالة الأولوية في قوله تعالى : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ)(٢) على النهي عن الضرب والشتم للأبوين ، وما هو أشدّ منهما إيلاما ، فإنّه بعد ما يفهم الفقيه أنّ تأفيف الوالدين منهيّ عنه ومحرّم ، يعلم بأنّ شتمهما وضربهما محرّم بطريق أولى ؛ لأنّ الإهانة فيهما وفيما هو أشدّ منهما أقوى ممّا هي في التأفيف.
الثاني : مفهوم المخالفة :
وهو ما كان الحكم فيه مخالفا للمنطوق في الإيجاب والسلب ، مثلما لو قال المولى : أكرم زيدا إن أعطاك درهما. فالمنطوق وجوب إكرامه بشرط
__________________
(١ و ٢) الإسراء : ٢٣.