محرّما كي يكون فاسقا ، أم لم يفعل حتى لا يكون فاسقا ؛ وقد ينشأ من الجهل في معنى الفاسق ومفهومه ، وذلك مثل ما إذا لم نعلم أنّ من أصرّ على الصغيرة فاسق أم لا ، ورأينا زيدا مصرّا عليها مع كونه عالما ؛ حيث إنّ الشكّ في فسقه ينشأ من الشك في دخوله تحت عنوان المخصّص. وخروجه عن العامّ الأوّل يسمّى بالشبهة المصداقية ، والثاني بالمفهومية.
فعليه إذا ورد : أكرم العلماء إلّا الفسّاق منهم ، فحينئذ من علمنا بدخوله منهم في العامّ وعدم دخوله في المخصّص ـ أعني الفسّاق ـ عملنا فيه بالعامّ وحكمنا بعدم وجوب إكرامه ؛ ومن علمنا بخروجه من العامّ ودخوله في المخصّص عملنا فيه بالمخصّص وحكمنا بوجوب إكرامه ؛ ومن شككنا في خروجه عن العامّ لأجل الشبهة المصداقية فالمشهور أنّه لا يعمل فيه بالعامّ.
هذا في الشبهة المصداقية ، وأمّا المفهومية فالمعروف فيها وجوب العمل بالعامّ فيما علمنا ببقائه تحت العامّ ، وفيما شك في خروجه منه ، فينحصر العمل بالمخصّص فيما علم بخروجه من العامّ ودخوله في المخصّص ، وذلك مثل ما إذا ورد عامّ : أكرم العلماء ، ثمّ ورد خاصّ ولكن لم يتّضح مراده ، مثل ما إذا قال : لا تكرم الفسّاق منهم ، ولكن لم ندر مفهوم الفاسق ، فحينئذ نعمل بالعامّ في الأفراد التي نعلم بعدم خروجها من العامّ ، وفي التي يشك في خروجها عنه أيضا.
وهذا هو المعروف بينهم ، وفي المقامين خلاف وبحوث نردّ عليها في محلّها.