الفصل السابع
في تخصيص الكتاب العزيز بخبر الواحد
ربما تستبعد الأذهان الساذجة تخصيص الكتاب الكريم بالسنّة وبالأخصّ بخبر الواحد ؛ لأنّ معنى تخصيص القرآن بالخبر تقديمه على القرآن في مورد العمل بالخبر فيه ورفع اليد عن العموم القرآني ، مع أنّ الخبر ظنّي السند والقرآن قطعي السند.
فنقول : إنّ القرآن وإن كان قطعي السند إلّا أنّ تقديم الخبر ليس من جهة السند بل من جهة الدلالة لما عرفت فيما سبق من أنّ الخاصّ إنّما يقدّم على العامّ ؛ لأنّه أظهر في مقصوده من العامّ في مدلوله ، ومن الواضح أنّ الأظهر يقدّم على الظاهر (١) ولا يلاحظ فيه كون أيّ من العامّ والمخصّص قطعيا أو ظنيّا أو كليهما قطعيين أو ظنيين ، بل اللازم أن يكون كلّ واحد منهما معتبرا وحجّة في نفسه ومن دون نظر إلى الآخر.
ومن هذا تبين أنّ الخبر الخاصّ إنّما يقدّم على العامّ القرآني إذا كانت
__________________
(١) هكذا اشتهر على الألسن في العصر المعاصر ، غير أنّا قد حقّقنا في البحث عدم معقولية هذا الكلام ، فإنّ الظهور معنى غير قابل للتشكيك ، وتقدّم الخاصّ على العامّ لأجل الحكومة أو الورود.