الفصل الثامن
في النسخ
النسخ لغة : إزالة الشيء وتغييره ، ويقال : نسخت الشمس الظل وأنسخته : أزالته ، ونسخت الريح آثار الدار : غيّرتها.
واصطلاحا : رفع ما هو ثابت من الأحكام في الشريعة ، والمراد منه أن يكون الحكم ثابتا في الشريعة إلى مدّة وكان الناس يعتقدونه مستمرّا باقيا ، ثمّ يأتي الأمر من الشارع بنسخ ذلك الحكم وإزالته أو تغييره ، كما هو المعروف من أنّه كان الواجب في صدر الإسلام التوجّه إلى بيت المقدس في الصلاة ، ثمّ نسخ ذلك الوجوب وأمر بالتوجّه إلى الكعبة.
واعلم أنّ الأحكام الشرعية لدى الإمامية تابعة للمصالح والمفاسد وهي على الأغلب خافية علينا ، والله تعالى ينشئ الأحكام على طبق ما تقتضي تلك المصالح والمفاسد ، وحيث قرّر في محلّه أنّ المصالح والمفاسد تختلف وتتغيّر حسب تغيّر الظروف والأزمان فيمكن أن يكون ما يحتوي على مفسدة في زمان مشتملا على مصلحة في زمان آخر ، فيجب أن يلاحظ الشارع ذلك ويجعل ما فيه مصلحة لازمة واجبا ما دام ذا مصلحة ، ويجعل ما فيه المفسدة اللازمة محرّما ما دام ذا مفسدة ، وهكذا يجعل ما فيه مفسدة غير